هل كتب على هذه الأمة أن تستمرئ هذا الغياب المذهل، وأن تتلذذ بهذا الاعتزال الغريب، لا عن قضايا العالم بل عن قضاياها الخاصة.
إنني أستغرب هذه المصادرة الرخيصة لعقل الإنسان المسلم ولتفكيره؛ مما شل فعالية المسلم في هذه الأحداث، فأصبح مستكثراً عليك أيها المسلم أن تبدي رأيك فقط في قضية من القضايا، فضلاً أن يكون لك رأي في حصول هذا الأمر أو عدم حصوله، وأصبح الإنسان العادي من أمة الإسلام في مشرق الأرض ومغربها يستكثر على نفسه أن يتكلم في مثل هذه القضايا ويرى أنها قضايا لا تعنيه في قليل ولا في كثير، وأحسن الناس من يقول: إن حديثي في مثل هذه الأمور، لا يقدم ولا يؤخر، وإنه لا يأتي بجديد.
إن قضيه كقضية السلام تكلم فيها الجميع بدون استثناء، حتى المتطرفون من اليهود في إسرائيل المسمون بالأصوليين -مثل حركة… غوش أمونيم وغيرها من الأحزاب الأصولية المتطرفة- تكلموا بلهجة واضحة صريحة عن رأيهم في السلام، وأنهم يرفضون السلام مع الأمة العربية؛ بل مع العالم كله، لأن هذه أرض اليهود -في نظرهم وزعمهم- ويجب أن تظل أرضهم فهم يطالبون ببسط سلطة اليهود على مزيد من هذه الأراضي، ولم يقتصر تعبيرهم عن السلام على مجرد الكلام أو على مجرد الكتابة، بل تعدى ذلك إلى قيامهم بمظاهرات في شوارع اليهود -في شوارع فلسطين- يتكلمون فيها ويعربون فيها عن اعتراضهم على مشاركة إسرائيل في جهود السلام.