إن كلمة الحق الواضحة النيرة -أيها الأحبة- يجب أن تقال في كل مكان وفي كل مجال، فالرسل عليهم صلوات الله وسلامه عليهم جاءوا بالكلمة: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} [الأحقاف:21] .
جاء الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يملكون الأسلحة ولا يملكون القوة الضاربة، وإنما كانوا يملكون هذه الكلمة يقولونها للناس، ثم يعتصمون بالله عز وجل الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، والذي إذا أراد شيئاً إنما يقول له: كن فيكون، وبهذه الكلمة: انتصر الرسل عليهم الصلاة والسلام، ولم يكن يمنع نبياً من أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم ألا يستجيب له أحد أن يقول هذه الكلمة، وأن يبعث بهذه الكلمة، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه في صحيح مسلم: {أنه صلى الله عليه وسلم رأى الأمم، ورأى النبي ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي وليس معه أحد} فالنبي حين يصدع بهذه الكلمة: لا تعبدوا إلا الله، اعبدوا الله ما لكم من إله غيره! هو يحقق هذا الانتصار -بغض النظر عن مدى تجاوب الآخرين معه أو رفضهم لما يدعو إليه- لأن مجرد إعلان كلمة التوحيد، هو انتصار لهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
ومع ذلك فإننا نقول: إن كلمة الحق لن تضيع، ويكفي أن تكون شاهداً تاريخياً، على أن المسلمين والعلماء والدعاة إلى الله عز وجل رفضوا الخيانة على حين استمرأها غيرهم من الزعماء الكبار وأقروها وسعوا إليها وسافروا إليها، وأنهم رفضوا مؤامرات الاستسلام على حين تلطخ غيرهم من الزعماء والقادة والساسة بهذه المؤامرات، وأنهم بذلوا ما يملكون من الوسائل وهم لم يكونوا يملكون إلا الكلمة يطلقونها حرة واضحة صريحة -على حين كان غيرهم يملك أكثر من ذلك، فما بذل منه قليلاً ولا كثيراً إلا الخطب الرنانة، وقد أشبعوا المسلمين من هذه الخطب وحرروا بلاد الإسلام بهذه الخطب الرنانة! سقوا فلسطين أحلاماً منومةً وأطعموها سخيف القول والخطبا عاشوا على هامش الأحداث ما انتفضوا للأرض منهوبةً والعرض مغتصبا وخلفوا القدس في الأوحال عارية تبيح عزة نهديها لمن رغبا