غياب الأمة عن قضاياها

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

وبعد هذا الدرس الثاني والأربعون من سلسلة الدروس العلمية العامة، وهذه ليلة الإثنين 28 من شهر ربيع الثاني.

من سنة (1412هـ) .

عنوان هذا الدرس: المعركة الفاصلة مع بني إسرائيل؛ وأحد الإخوة يقترح أن يكون العنوان: المعركة الفاصلة مع يهود، أو مع اليهود ولا حرج في ذلك.

يتحدث العالم اليوم -أيها الإخوة- عن جهود السلام في أسبانيا في مدريد، وهذا الحدث العالمي الكبير، هو حديث الصحافة والإعلام في مشارق الأرض ومغاربها، سواء الصحافة الغربية، أو الشرقية العربية، أو اليهودية، أو غيرها، وفيما العالم كله يتحدث عن هذا الأمر الجديد … يتساءل البعض ويقول: ما جدوى طرح هذه الموضوعات في مثل هذه المجالس، ومن قبل الدعاة إلى الله عز وجل؟! وإنني ليطول بي العجب وأقول في نفسي هل كتب على هذه الأمة المسلمة -التي كان المفترض أن تكون هي الشهيد على الناس قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:143] .

وفي الحديث الصحيح، أنهم يشهدون على الأمم يوم القيامة -حتى الأمم التي سبقتهم- بشهادة الله عز وجل في كتابه- هذه الأمة هل كُتِبَ عليها في مثل هذا الوقت بالذات، أن تستمرئ ذلك الغياب المذهل عن الساحة، وأن تستحسن عزلتها وتقوقعها… -لا أقول: على الأحداث العالمية، فنحن لا نتكلم الآن عن مؤتمر السلام في يوغسلافيا، وإنما عن عزلة هذه الأمة عن أحداث تتعلق بها هي… لا تتعلق بغيرها، وقضايا تخصها، فالكلام إنما هو عن مؤتمر السلام العربي الإسرائيلي.

وأقول: العربي؛ لأن الإسلام لم يدخل في حقيقة الأمر، لا في حرب، ولا في سلم، فالإسلام معزول عن هذه المعارك؛ وإنما المعركة العسكرية دخلناها باسم العروبة، وفصلنا وعزلنا مئات الملايين من المسلمين المتعاطفين مع قضية الإسلام في فلسطين؛ والسلام ندخله باسم العروبة أيضاً فالإسلام معزول في الحقيقة عن الحرب، كما هو معزول عن السلام، ولهذا لا تتعجب حينما استخدم في أثناء هذه الكلمة أو هذا الدرس لفظ العرب، ولا أستخدم لفظ الإسلام؛ لأننا نريد أن نسمي الأشياء بحقيقتها.

فالإسلام معزول عن المعركة، سواء كانت معركة في ميدان الصراع والقتال، أم كانت معركة من وراء الطاولات وفي مجال المناورات السياسية الدبلوماسية؟!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015