دور المرأة في الدعوة

رابعاً: دليل على عظم دور المرأة في الدعوة، إن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ذات النطاقين، هي نموذج للفتاة الملتزمة، التي تسارع إلى الإيمان، حتى يستقر الإيمان في قلبها، ثم لا ترضى أن تقعد في بيتها بعيداً عن المشاركة في الدعوة، والقيام بالتكاليف الشرعية التي يقتضيها الجهاد في سبيل الله، ويقتضيها العمل لهذا الدين، بل تنطلق لتقوم بتلك المهمة التي لا يستطيع أن يقوم بها الرجال، إما لأنها مهمة نسائية، وإما لأن المرأة أقدر على القيام بها، وإما لغير ذلك من الأسباب، وكم قامت امرأة بأعمال جليلة لا يطيقها أشداء الرجال! إننا اليوم -أيها الإخوة وأيتها الأخوات- أمام أعداد متزايدة من الفتيات المتدينات الصالحات، تسمع بأخبارهن المشجعة المفرحة في المدارس، أو تسمع بها في البيوت، أو تسمع بها في الوظائف، أو تسمع بها في قطاع من القطاعات الاجتماعية، وأنت تجد على هذه الفتاه سيما الالتزام، فهي محجبة أفضل ما يكون الحجاب، بعيدة عن مزاحمة الرجال ومخالطتهم، تغض بصرها، وتخفض صوتها، وتبتعد عن الخضوع بالقول، أو عما حرم الله عز وجل وتجانب السوء.

ولكن السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا بجد، وينبغي أن تطرحه الأخوات على أنفسهن: هو إلى أي مدى تقوم هذه الفتاة بدورها المنشود في نشر الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ في التعاطي مع قضايا الجهاد في سبيل الله؟ ومع قضايا العلم الشرعي؟ ومع قضايا المعرفة الدينية؟ ومع النشاط الإسلامي بكل صوره وأشكاله؟ إلى أي مدى استطاعت الفتاة أن تصل إلى مجتمعها، وتحدث بنات جنسها بهمومها الشرعية؟ إلى أي مدى استطاعت أن تساهم بمالها، وهي التي تملك المال، والمرتب الذي لا تطالب شرعاً بإنفاق أي قدر منه مهما قل؟ إلى أي حد استطاعت أن تساهم بجهدها، أو كلمتها، أو حتى بقلمها، في الكتابة، والتعليم، والمراسلة، والنصح على أي مستوى كان، أو بعلمها، وعقلها، وخبرتها، وما تملك، أو بمالها في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل؟ إن ذلك جزء من التكليف الشرعي الذي لابد للأخوات المؤمنات أن يقمن به، لأن هذا الدين يقوم على أكتاف الجميع.

ولقد خلق الله تعالى الناس من ذكر وأنثى، وكانت الدعوة تقوم على الرجل والمرأة، فإذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يستطيع أحد قط أن ينسى دور خديجة وهي أول بشر يلقاه بعدما نزل عليه الوحي، فتثبت قلبه وتقول: [[كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق]] ثم تذهب به إلى ورقة بن نوفل.

ولا أحد يذكر الهجرة إلا ويذكر أسماء بنت أبي بكر، ولا أحد يتحدث عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتاريخه، وسيرته، إلا ويذكر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الذي ارتبطت برسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الارتباط، وصحبته في حله وترحاله.

إنها دعوة إلى فتيات الإسلام والمسلمين، دعوة إلى المتدينات، دعوة إلى الصالحات، أن يقمن بالدور المنشود المنتظر في نشر الدعوة إلى الله تعالى، وفي إحياء العلم الشرعي بين النساء، وفي المشاركة في قضايا الجهاد بكافة المستويات، الجهاد باللسان، الجهاد بالقلم، الجهاد بالكلمة، الجهاد بالمال، الجهاد حتى بالنفس، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في حديث أنس وهو صحيح: {جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015