وهي قضية ضاق عنها الوقت، نعم اتفق المسلمون على التاريخ اعتباراً من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بعد جدال بينهم، وكان إجماع الرأي عليه طيلة عصور التاريخ، فما عرف المسلمون إلا التاريخ الهجري، الذي يبدأ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وقد هاجر عليه الصلاة والسلام في اليوم الأول من ربيع الأول، ووصل المدينة في اليوم الثاني عشر كما هو معروف عند جمهور أهل السير، ولكن المسلمين بدءوا العام من شهر المحرم لأنه أول السنة.
واليوم نجد أن هناك محاولات كثيرة لتقويض هذا الاتفاق والإجماع، وتحويل المسلمين في معظم بلادهم إلى التاريخ الميلادي، حتى أصبح بعضهم لا يعرفون الشهور الهجرية القمرية، ولا يعرفون التاريخ الهجري، وهذا خطر عظيم، لأنه يفصل المسلمين عن تاريخهم وأحداثهم، ويحول بينهم وبين معرفة الأحكام الشرعية المبنية على هذا التاريخ الإسلامي العريق.
إنه تاريخ له جذوره، يربط المسلمين بحدث عظيم مهم، واستبداله بذلك التاريخ الميلادي هو اتباع لآثار أهل الكتاب من النصارى، مع أنه من المستحيل أن يستطيعوا أن يثبتوا ذلك التاريخ الميلادي، ونحن نعلم أن النصارى يحتفلون بميلادهم، ويقيمون له الأعياد في كل مكان، واعتماد المسلمين لهذا التاريخ قد يقتضي أن يدخلوا جحر الضب وراء النصارى، ويحتفلوا بعيد الميلاد كما احتفل أولئك، ويتقمصوا آثارهم.
ولا شك أن هذه القضية قد تبدو في نظر البعض قضية شكلية أو مظهرية، ولكن هذه الأشياء المظهرية تؤثر حتى في القلب، فالملابس التي يلبسها الإنسان، والزي الذي يعتمده، والشكل الذي يكون عليه، واللغة التي يتكلمها، لا شك تؤثر في عقله، ووجدانه، وضميره، وهذه قضية معروفة نفسياً، واجتماعياً والحمد لله رب العالمين.