دور الصدِّّيق وأهل بيته في الهجرة

بيت الصديق: إنه بيت أبي بكر رضي الله عنه فهو، وزوجه، وولده، ذكورهم وإناثهم، كلهم مجاهدون في الدعوة، مستميتون في حماية النبي عليه صلوات الله تعالى وتسليمه.

روى أحمد والحاكم وابن إسحاق بسند جيد عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: {لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج معه أبو بكر، احتمل أبو بكر ماله كله، وكان ماله ستة آلاف دينار، فأخذه أبو بكر رضي الله عنه كله، فدخل عليهم أبو قحافة والد أبي بكر رضي الله عنه وكان شيخاً كبيراً فقد بصره من العمى فدخل عليهم، وقال لهم: والله إني لأرى أبا بكر قد فجعكم بماله، كما فجعكم بنفسه -فذهب بنفسه وذهب بما يملك من المال، وهو يتوجع ويتألم من هذه الحال- فقالت له أسماء: كلا يا أبت! لقد ترك لنا أبو بكر خيراً كثيراً، فقال: أريني، فأخذت أحجاراً ووضعتها في الكوة، ووضعت عليها ثوباً، وأمسكت بيده وقالت: انظر، فلما لمس هذه الحجارة ظنها ذهباً وفضة قد تركها أبو بكر لأولاده، فقال: لئن كان ترك لكم ذلك فقد ترك لكم خيراً كثيراً} نعم هذه الروح التضامنية من أسماء رضي الله عنها تريد أن تطيب خاطر جدها، وتقنعه بأن والدها ترك خيراً كثيراً، فتلجأ إلى هذه الحيلة، وهذه التورية، التي ظن بها أنه قد ترك لهم ذهباً وفضة وإنما ترك لهم الله ورسوله.

أسماء نفسها كانت تسمى ذات النطاقين، وقد عُير بها عبد الله بن الزبير فقال: وعيرني الواشون أني أحبها وتلك شكاة ظاهر عنك عارها كيف تعير بأنك ابن ذات النطاقين؟ أتدري لم سميت بهذا الاسم؟ لأنها لم تجد شيئاً تشد به سفرة النبي صلى الله عليه وسلم إلا نطاقها التي تتحزم به، فشقته إلى نصفين، تمنطقت بأحدهما وشدت السفرة بالآخر فسميت بهذا الاسم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015