إن أعمار الحركات الأيدلوجية البشرية الأرضية، أو الدعوات العلمانية، التي يختلقها الناس، مهما طالت فهي قصيرة، فالشيوعية -مثلاً- لم تزد في عمرها على سبعين سنة، ولم يشفع لها أن تكون تملك ما يزيد على ثلاثمائة ألف رأس نووي، أو ثلاثة ملايين عنصر أمني، أو أكثر من هذا العدد من رجال الجيش، أو تملك الأجهزة المتطورة في مجال التسليح وغيره، لم يشفع لها ذلك كله، لأنها، كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار.
أما الرأسمالية وريثة الشيوعية، والتي أخذت تركتها من بعدها، والتي تهيمن على العالم الغربي، فهي تعاني اليوم من الأزمات والأعراض نفسها، أزمات الاقتصاد التي سقطت بسببها الشيوعية، تنتقل اليوم إلى الغرب، في أمريكا، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، والصين، واليابان، وغيرها، فهي تعاني من أعراض الكساد، والتضخم، والبطالة، وغير ذلك من الأمراض التي تفتك بها، وتوشك أن تكشف عوارها.
فكل الدعوات البشرية العلمانية، والشيوعية، والرأسمالية، والقومية، والاشتراكية، كلها دعوات بشرية لا تملك أنبياء، ولا تملك أولياء، ولا تملك عمراً، تقاتل عشر سنوات، أو عشرين، أو أقل من مائة سنة، ولكنها بعد ذلك تنتهي، وتنمحي، وتنقل إلى مزبلة التاريخ.