وها هو الإسلام في جمهوريات آسيا الوسطى اليوم ينبعث من وسط الركام، بعد أن ظن الظانون أنه قد انطمس وانتهى، وإذا المسلمون في طاجكستان، أو أوزبكستان، أو سمرقند، أو بخارا، أو وادي أفرغانة، وفي تلك المدن التي عرفها التاريخ، وخرجت أكابر العلماء، في الحديث والتفسير، والفقه، واللغة، والبلاغة، وغيرها، إذا بتلك البلاد التي تحن من جديد إلى دينها، وترجع إلى أصولها، وإذا بالمآذن ترتفع في سمائها، وإذا بصوت التكبير يعلو في أجوائها، وإذا بالحجرات السرية تستطيع بضعفها أن تقاوم كيد الشيوعية الذي استمر أكثر من سبعين سنة.
نعم.
لقد حفظت تلك الحجرات للشباب إيمانهم، وعقيدتهم، بل ولغتهم، والبارحة كان معي أحد الشباب من مدينة سمرقند، فإذا به يتكلم العربية بطلاقة، وهو حديث عهد بهذه البلاد، فسألته كيف عرفت اللغة العربية؟ قال: تعرفتها وتعلمتها من شيخي الذي كان يدرسني في الحجرات، وكم لبثت في الحجرات؟ قال: أكثر من ثلاث سنوات.
نعم.
لقد درس العقيدة الصحيحة، من كتب السلف، ودرس الفقه، ودرس اللغة العربية، ودرس أصول الإسلام، في الحجرات، التي ربما يظل الطالب فيها ثلاث سنوات، دون انقطاع وسط ركام من المخاوف، من أجهزة المخابرات الـ K.
G.
رضي الله عنه التي تملك أكثر من ثلاثة ملايين عنصر من أولئك الرجال، الذين دربوا على أنه لا كرامة لأحد، وأنهم مستعدون أن يبطشوا بأقرب قريب، ومع ذلك ظل الإسلام يتأبى على محاولات الصهر والإزالة والسحق، فإذا أتيحت له أية فرصة ظهر من جديد أقوى ما كان.