البوسنة أقرب مثال

مثلاً: ماذا كان لدى المسلمين في البوسنة من الإسلام؟! هل كانوا عارفين بدينهم؟! هل كانوا متحمسين له؟! هل كانوا فقهاء فيه فضلاً عن أن يكونوا متطرفين كما يقال؟! كلا، بل كان مجتمعهم يقوم على أساسٍ علماني، وكان الاختلاط شائعاً، وكان ترك الصلاة معروفاً، وكان شرب الخمر متوارثاً، وكان المسلمون يعيشون في ظل تجهيل طويل، حينما سيطرت عليهم الشيوعية، حتى لا يعرفون، ولا يعرفهم إخوانهم، وأكثرهم لم يكونوا يعرفون من الإسلام إلا أن آباءهم وأجدادهم كانوا مسلمين، وأنهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأن هذه المساجد والمنائر والمنابر والمكتبات تراثٌ إسلامي ينتسبون له، ويتعصبون إليه تعصباً غامضاً غير معروف، هذا كل ما بقي من أثر الإسلام في البوسنة والهرسك، فهل شفع لهم هذا؟ لم يشفع لهم، بل هم اليوم أكثر الشعوب تعرضاً للسحق والإبادة، بل ولم يشفع لهم أن يكونوا قطعة من أوروبا، المزهوة بحضارتها، المتبجحة بحقوق الإنسان كما يزعمون هذا حدث، فماذا كانت النتيجة؟ هذا الحدث العظيم وهذا التحدي الكبير للمسلمين في البوسنة والهرسك دعاهم إلى أن يبحثوا عن أصولهم وعن جذورهم، وأن يرجعوا إلى دينهم، فولد هذا رواد المساجد، وفتيات الحجاب، وأطفال تحفيظ القرآن، وشباب المعسكرات، وسوف يحدث على المدى البعيد آثاراً عميقةً لدى المسلمين، وسوف يعطيهم من المفاهيم والقناعات والأصول الصحيحة ما لا يمكن أن يحصلوا عليه، إلا بمثل هذا الطريق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015