ما هو الشيء الذي يمكن في نظرك أن يخرج هذه الأمة التي تملك هذا الكنز الثمين، وهذا الدين العظيم الذي يمكن أن يخرجها من جهلها إلى نور العلم والمعرفة الشرعية؟ قد تقول: الدروس والمحاضرات وأقول: نعم، لكنها لا تكفي.
ما هو الشيء الذي يمكن أن يخرج الأمة من تخلفها السياسي وتبعيتها الاقتصادية، وهوانها العسكري إلى المسابقة والمنافسة في ميدان الحياة العامر الكبير؟ قد تقول: اجتلاب التصنيع والتقنية وتخريج الخبراء والمختصين، أقول لك: نعم، لكن هذا لا يكفي.
ما هو الشيء الذي يمكن أن يوحد الأمة، ويجمع شملها بعد الشتات والفرقة وانفصام بعضها من بعض، فيمكن أن يوحدها إلى أمةٍ واحدة، يشعر بعضها بهموم بعض وآلام بعض، وإذا حاربت حاربت جميعاً، وإذا سالمت سالمت جميعاً؟ أعتقد أن الخطب والمحاضرات والدروس يمكن أن تساهم، لكنها لا تصنع ذلك، بل حتى جهود الدعاة منفردة، مهما عظمت وكبرت وتوسعت، لا يمكن أن تؤثر إلا في رقعة محدودة من الأمة.
إذاً ما الذي يمكن أن يحدث ويغير؟ لابد من الأحداث، الأحداث التي قد يصنعها العدو، ولكنها تصهر الأمة، وتذيب خبثها، وتكشف طيبها، وتعرفها عدوها من صديقها، وتجمع شمل المخلصين الغيورين المنافحين عن حوزة الإسلام، وبلاده، وبيضته وأهله.
إن العالم الإسلامي اليوم -أقولها لك بصراحة ولكل صديقٍ أو عدو- العالم الإسلامي اليوم يتحول إلى معمل زاخر لإعداد المقاتلين، من لم يقاتل عقيدةً وحماساً وفي سبيل الله، فإنك تجد أنه يقاتل أحياناً اضطراراً؛ لأنه ليس أمامه إلا هذا السبيل، وهو يقول: وإذا لم يكن من الموت بدٌ فمن العار أن تموت جباناً أو يقول: إذا لم يكن إلا الأسنة مركباً فما حيلة المضطر إلا ركبوها