الكثيرون يحتجون بالقضاء والقدر، وكأنهم يتصورون -والعياذ بالله وأستغفر الله- أن القدر أمرٌ اعتباطي، وينسون أن الله تعالى أحكم الحاكمين فهو الحكيمُ في فعله سبحانه، فإذا ضل فلان فما ضل إلا لأنه أهلٌ للضلال، وإذا اهتدى فلان فبرحمة الله تعالى وفضله، والله تعالى لا يظلم أحداً {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:46] والإنسان له يدٌ فيما يعمل، وأنت ترى أنه يريد الشيء فيعمله فله إرادة، والله تعالى يقول: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير:28] .
فالإنسان له إرادة ومشيئة، وإن كانت داخلةٌ ضمن إرادة الله تعالى ومشيئته فلا يفعل الإنسان شيئاً خلاف مشيئة الله تعالى، ولكننا نجدُ بضرورة الواقع أن الإنسان يختار الشيء من أمر دينه فيفعله، ويختار الشيء من أمر دنياه فيفعله، ويترك ذاك بمحض رغبته، وأنه ليس هناك قوةٌ تفرض عليه بالقهر والجبر ما يفعل أو ما يقول أو ما يترك.