تضييع الفرص بسبب الخوف الوهمي

تضييع الفرص بسبب الخوف الوهمي:- الكثيرون لا يستفيدون من بعض الفرص، وبعض الإمكانيات والمكاسب؛ بحجة أننا نخاف أن وراءها مؤامرة، وأن تجر أرجلنا إلى أمرٍ لا نحيط به ولا ندركه.

مثال ذلك: الخوف من الفشل، فلا يفعل الإنسان شيئاً، لا يخطب لأنه يقول: أخاف أن أخطئ ولا يؤم الناس لأنه يقول: أخاف أن أسهو في الصلاة كثيراً، ولا يمارس أو يقوم بأي عمل لأنه يقول: أخاف أن أخطئ فيه.

ثم ماذا إذا فشلت؟ الفشل هو طريق النجاح، والخطأ هو طريق الصواب، والذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل، أما الذي يعمل فيخطئ ثم يخطئ ثم يخطئ ولكن صوابه أكثر من خطئه ولذلك الناس يلتمسون العذر لفلان إذا أخطأ لأن حسناته كثيرة، والماء إذا بلغ قلتين لا يحمل الخبث، لكن إن كان فلان لا يعمل شيئاً ثم أخطأ لا يحتملون هذا منه؛ لأنهم يقولون: أين أعماله المقابلة لهذا الخطأ الذي وقع فيه؟ ومثل ذلك: الخوف من النقد والخوف من النصيحة، فتجد الكثير من الناس إذا قدَّمت له نصيحة كأنه ملدوغ.

يكون ماذا يا أخي إذا نصحت؟! أنت بشر، وأنت اليوم حي وغداً ميت، ومن رحمة الله تعالى عليك أن يقيض لك من يقول: يا أخي! جزاك الله خيراً لقد أخطأت، لكن ينبغي أن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة والأسلوب المناسب.

أما الخوف من النصيحة والجزع منها، والنقد لمن ينصح أو من يوجه؛ فإن هذا في الواقع دليلٌ على الخذلان على مستوى الأفراد والجماعات، والدول، فإن النصيحة مما يفرح بها.

ولقد شكا الشاعر قديماً فقال: وكم مرةً أتبعتكم بنصيحتي وقد يستفيد البغضة المتنصّحُ وإذا رأيت الأمة تجزع من النصيحة، وتسب الناصحين وتنقدهم وتعيرهم وتشتمهم وتشكك في نواياهم ومقاصدهم وتتهمهم؛ فثق أن هذه الأمة قد تُودع منها؛ لأن الأخطاء سوف تكثر وتتراكم ولا أحد ينصح أو يجرؤ على النصيحة لماذا؟ لأنه بمجرد أن ينصح سوف يشار إليه بالأصابع، ويقال: أنت تريد كذا وقصدك كذا، وغرضك كذا، وفعلت كذا، حتى لا يقوم أحدٌ بأمرٍ بمعروف ولا نهيٍ عن منكر، ونحن على ثقة أن الأمة -بحمد الله- لا تخلو من الناصحين، ولكن يُؤسفنا أن يكون بعض الأفراد أو الأمم أو الجماعات -أحياناً- ممن ينطبق عليهم قول الله عز وجل: {وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف:79] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015