الشجاعة في الحق والتحرر من الأوهام: على الإنسان أن يكون قوياً شجاعاً في الحق وفي أمر الدين، لا يخاف في الله تعالى لومة لائم، وقد كان مما بايع عبادة بن الصامت وأصحابه -كما في الصحيحين- رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه: {وأنْ نقول بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله تعالى لومة لائم} .
فالكثيرون يضخمون أعداءهم ويضخمون أجهزة الأمن، وبعض الذين يقرءون الكتب عن المخابرات العالمية الأمريكية وغير الأمريكية، أصبح الواحد منهم يعيش على خوف، وينام عليه ويصحو عليه، الخوف من أجهزة الأمن ومن رجال المباحث والمخابرات وغير ذلك، مع أن هؤلاء بشر يضعفون وينسون، ويقصرون، والكثير من هؤلاء مجرد موظفين لا يعنيهم إلاَّ أمر وظائفهم، وليس أمر هؤلاء بغالب أمر الله تعالى، كما قال الله تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21] .
فينبغي للمؤمن والداعية خاصة وطالب العلم؛ أن يتحرر من الأوهام والمخاوف، والأشباح التي تلاحقه، وأن يتحرك باعتدالٍ وتعقل.
والكثيرون أيضاً يعيشون عقدة المؤامرة، فكل شئٍ يشاهدونه في حياتهم يعتقدون أن وراءه مؤامرة من أعداء الإسلام أو من خصوم الدين، حتى ولو كان الأمر ليس كذلك، وقد بالغ البعض في هذا، والبعض الآخر بالغوا في التهويل، ونحن دائماً ندعو إلى التوسط، فأعداء الإسلام يحيكون المؤامرات العظام، ويخططون ويكيدون ولا شك في هذا؛ لكن لا يعني هذا أن كل شئ بأيديهم ومن تحت تصرفهم وأنهم يملكون كل شيء.
كُنا نتوقع أن الاتحاد السوفيتي قوةٌ لا تقهر، وأنه باقٍ إلى مئات السنين، فإذا بأمر الله تعالى يطيح به بين عشية وضحاها، فلماذا لا نأخذ العبرة من ذلك؟ واليوم الناس كثيراً ما يتوقعون أن أمريكا قوةٌ ضاربة، والذين يتابعون أخبار الاقتصاد اليوم مثلاً، يدركون أن الاقتصاد في أمريكا -بل في أوروبا كلها- يعيش أزمات متلاحقة، وأن من أقل الأسواق الآن استثماراً وانتفاعاً الأسواق الأمريكية التي كانت محط أنظار المستثمرين بالأمس.
فأمر الله تعالى غالب، وسنة الله تعالى ماضية، وينبغي ألا نقلل ونهون من شأن هؤلاء، وأيضاً ينبغي ألا نضخم أمرهم وأن نعتقد أن وراء كل شيء مؤامرة.