الاختلاف في تقويم الرجال

وأمام هذا العدد الكبير من العلماء والدعاة والمصلحين, الذين نجدهم اليوم في واقع الأمة الإسلامية؛ نجد أن الآراء تختلف في كثير من الشخصيات الإسلامية ما بين مادح وقادح, ومؤيد ومعارض, وما بين إنسان ينظر إلى شخصية ما, بأن هذا الشخص هو مجدد هذا القرن, بل مجدد القرون السبعة الماضية, بل مجدد القرون العشرة الماضية.

وقد قيل هذا الكلام عن أحد الشخصيات الإسلامية المعاصرة، وبإزاء ذلك قد تسمع عن الشخصية نفسها كلامًا, بأن هذا الرجل لم يذق طعم الإيمان, ولا وجد نور الإسلام في قلبه.

فإزاء هذا التباين البعيد في تقويم الشخصيات الإسلامية؛ لابد من الإشارة بادئ ذي بدء إلى أننا ورثنا نحن المسلمين ضمن ما ورثناه من تراث هذا الدين القيم: منهج العدل والإنصاف في الحكم على الناس, فيقول الله عز وجل في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء:135] فيأمرنا بالعدل والإنصاف, وتحري الحق, ولو على أنفسنا أو والدينا أو أقاربنا, ويقول سبحانه في سور المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:8] .

فكما أنه يأمرنا في الآية الأولى بالاعتدال والعدل حتى مع أنفسنا, أو والدينا وأقربينا, بحيث نقول الحق عليهم -وإن كان عليهم- كذلك يأمرنا في الآية الثانية: بأن لا يحملنا بغض قوم أو عداوتهم على أن نجحف في حقهم, بل لابد من العدل حتى مع العداوة والشنآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015