أهمية وجود العلماء

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وحبيبه وخليله وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

إخوتي الكرام، عنوان هذه المحاضرة هو: (ملاحظات حول تقويم رجال الإسلام في هذا العصر) .

والمقصود بتقويم الرجال هو بيان قيمتهم ومقدارهم, وقد يستعمل بعض الناس لهذا المعنى كلمة تقييم، ولكن بعض اللغويين يرون أن هذه الكلمة خطأ، وأن الصواب هو التقويم، وهذا هو المطرد مع القواعد.

المهم أن ندرك أن الله عز وجل قيض لهذا الدين في كل عصر من يقوم به, ووعد بذلك في كتابه وعلى لسان رسوله، يقول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة:33] وهذا وعد قائم إلى قيام الساعة؛ ليظهره على الدين كله, وظهور دين الإسلام على الأديان كلها يشمل عدة أمور، منها: الظهور بالحجة والبيان, بحيث يوجد من الدعاة والعلماء والمصلحين والأئمة من يرفعون شأن الإسلام بالكلمة والكتاب والخطبة والموقف وغير ذلك.

ويشمل الظهور أيضاً: قمة الظهور، وهي الانتصار الكامل لهذا الدين على الأديان كلها، وقد ورد في حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: {إن الله يقيض لهذا الدين من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين} وهذا الحديث قد ورد عن عدد من الصحابة كـ أبي هريرة , ومعاذ بن جبل , وابن مسعود , وأسامة بن زيد , وورد مرسلاً عن بعض التابعين, وقد رواه الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، وفي شرف أصحاب الحديث، وخرج الطبراني بعض طرقه، وكذلك ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وغيرهم.

واختلف العلماء في صحته، فصححه بعضهم كالإمام أحمد وابن عبد البر وضعفه آخرون كـ العراقي.

والحديث وإن كان ضعيفاً في جميع طرقه, إلا أن معناه صحيح بلا شك، وإنما اخترته لمباشرته في التعبير عن هذا المعنى, وأن الله عز وجل يختار في كل جيل من يحملون هذا العلم والدين، ممن يتميزون بالعدالة والفهم والإنصاف, فيدفعون عن الإسلام تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

وهذا الوعد القائم هو لا يزال يجري اليوم، وإلى أن يشاء الله سوف يستمر وجود هذه الحقيقة التي وعد الله بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015