ولقد لاحظت في نفسي شيئاً وأتمنى ألا يكون موجوداً في الآخرين: أن الواحد منا أحياناً إذا جاءه إنسان عليه سيماء الانحراف، قام له وهش وبش وهل ورحب وابتسم في وجهه، وأعطاه قدراً كبيراً، لماذا؟ قال: لأني أريد أن أتألف قلبه على الخير، وأريد أن يأخذ انطباعاً طيباً عن المتدينين وهذا جميل! فإذا جاء أخوك الذي هو -ظاهراً على الأقل- أقرب إليك وأصدق معك، فقد لا يفعل الإنسان ذلك ولا بعضه، بل قد يكفهر في وجهه، وقد لا يقابله بمثل بذلك، وهذا من حيث الأصل قد يوجد ما يسوغه، لكن على الإنسان أن يحرص -خاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الاختلافات والظنون المتبادلة وامتلأت القلوب بالتغاير- على الإنسان أن يحرص على تأليف قلوب الأخيار قبل غيرهم.