فلو أن الإنسان تذكر هذه الحقيقة؛ لاعتدلت في ذهنه موازين كثيرة؛ لكن القضية أنه استبعد هذا أتم الاستبعاد، فتولد عن ذلك أمراضٌ كثيرة، منها: الانقطاع عن الله عز وجل، وضياع الإنسان في أودية الدنيا؛ ومنها إغراق الإنسان في الشكليات، فصار مأسوراً بالملابس، بالسيارة، بالزوجة، بالبيت، بالمظهر، بالوظيفة، بالسمعة، بالأمور الشكلية التي ليست مقصودة أصلاً للإنسان في الدار الآخرة؛ وإن كانت قد تكون مطية إذا أحسن فيها النية.
ومن الآثار السيئة لذلك: أن الإنسان أصبح يحسن القبيح، ويزين في عينه الحسن، كما قال الشاعر: زُين في عينك القبيح كما زُين في عين غيرك الحسن يقضي على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن وقال الله تعالى -وقوله أبلغ وأصدق-: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:14-16] وقال تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً} [فاطر:8] .