وقت الفطر للمسافر

رابعاً: مسألة متى يفطر المسافر؟ وهذه يخطئ فيها كثيرون، أعني الذي ينوي السفر فهو مقيم ونوى السفر، فهذا لا يجوز له أن يفطر إلا إذا سافر فعلاً، أما مجرد النية فلا تبيح له الفطر، ولهذا قال الله تعالى في شأن الصيام: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185] فقوله: (أَوْ عَلَى سَفَرٍ) تدل على التمكن، أي أنه واقع في السفر، أو كأنه راكب للسفر، أي أنه مسافر فعلاً ومتمكن من السفر، فلا يجوز للإنسان أن يفطر إلا إذا سافر فعلاً، أما مجرد النية في السفر فلا تبيح له أن يفطر، ولذلك كان العذر المبيح للفطر وللقصر بالنسبة للصلاة وللجمع ولسائر الرخص الشرعية هو السفر، وليس نية السفر، فمادام في بلده أو في بيته، فلا يجوز له أن يفطر، ولا أن يقصر الصلاة، ولا يجمع الصلاتين -أيضاً- حتى يسافر فعلاً.

أما إذا كان الإنسان يريد أن يسافر في الطائرة -وهذا مما يكثر السؤال عنه- فإذا كان قد حجز على طائرة معينة -حجزاً مؤكداً للسفر- وكان المطار خارج البلد -كما هو الحال في القصيم أو في الرياض أو في غيرها من البلاد التي يكون المطار فيها خارج المدينة- فإنه إذا خرج من المدينة إلى المطار بنية السفر، وهو حاجز فإنه يجوز له أن يتمتع برخص السفر حينئذٍ: من الفطر والقصر وغير ذلك.

أما إذا كان لم يحجز، وإنما ذهب لعله أن يجد رحلة يدركها فيسافر عليها، ويحتمل ألا يدرك، فإنه حينئذٍ لا يفطر ولا يقصر وليس مسافراً ما دام أن المطار ليس مسافة قصر، وجميع المطارات الموجودة في داخل هذه البلاد لا تعد مسافة قصر فإنها لا تتجاوز -في الأعم الأغلب- عشرين أو ثلاثين كيلو متراً والإنسان لا يذهب إليها بنية السفر إليها، ولكن يذهب بنية السفر منها إلى غيرها من البلاد.

إذاً: الخلاصة فيما يتعلق بالمسافر على الطائرة: أنه إذا كان قد حجز على الطائرة، وكان المطار خارج المدينة، فإذا خرج عن المدينة جاز له أن يتمتع برخص السفر، أما إذا لم يحجز فإنه لا يفطر ولا يقصر، ولا يجمع؛ لاحتمال ألا يتمكن من السفر فيعود إلى بلده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015