المحذور السادس والأخير: هناك نوازل وقضايا جديدة وجدت في واقع المسلمين اليوم في مجالات كثيرة، خاصة وعامة، على مستوى الفرد والمجتمع، فيما يتعلق بالمرأة وفيما يتعلق بالرجل، وهي أشياء كثيرة، وكل واحد منكم يعرف منها الكثير، وهذه النوازل الكلام فيها أصعب من الكلام في غيرها، بل إن بعض هذه النوازل من الصعوبة بحيث لو عرضت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر، وتجد بعض الإخوة، قد يتكلم فيها بكل يسر وسهولة وبساطة، ثم يقول: لا تعقدوا الأمور، ولا تحولوا بين الناس وبين دين الله، دعوا الناس ليأخذوا من القرآن والسنة بسهولة، ولا تضعوا هذه العراقيل أمامهم! فنقول: إن الله عز وجل قد يسر القرآن للذكر كما أخبر عز وجل، وصحيح أنه لا يجب المبالغة في وضع العقبات والعراقيل أو اشتراط الشروط المعينة في الإنسان الذي يريد أن يأخذ من القرآن والسنة، لكن من المعروف في كل مجال أن كل علم أو فن له أهله، فمثلاً الأطباء لا يرضون أن يتدخل مهندس فيتكلم في قضاياهم، ويعطى وصفات طبية -مثلاً- ويعتبرون هذا نوعاً من الخطأ، يعاقب عليه الفاعل والعكس كذلك.
فما بال القضايا الشرعية هي التي أصبحت يتدخل فيها كل أحد، ونحن لا نمانع أن يتكلم الطبيب أو المهندس أو أي نوعية من الناس في قضايا الدين بعدما يتحقق فيه قدر معين من الشروط، ولابد من الاتفاق على هذه الشروط، أما أن يتكلم الإنسان في هذه الأمور دون أن يكون له فيها خلفية، فهذا يسيء أكثر مما يحسن، ويفسد أكثر مما يصلح.
وأقول في الختام: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88] .