المحذور الرابع: هو اعتماد الإنسان على نفسه في تلقى العلم دون العناية بالأخذ عن الشيوخ.
وقديماً قيل: من كان شيخه كتابه غلب خطؤه صوابه، وكان يزيد بن هارون رحمه الله يحث الطلاب على حضور مجالس العلم والأخذ عن الشيوخ، ويقول: من غاب خاب، وأكل نصيبه الأصحاب، فبقدر تخلف الإنسان عن حضور مجالس العلم والأخذ من العلماء ينقص تلقيه، واليوم أصبحت الوسائل أكثر تيسيراً، فبإمكان الإنسان أن يحضر حلقات المشايخ والعلماء ودروسهم وغير ذلك.
لكن قد يقول قائل: ربما لا يتيسر لي ذلك وقد يتساءل البعض بالنسبة إلى الأخوات الحريصات على التفقه.
فأقول: إن الأمر قد أصبح ميسوراً أكثر من ذي قبل، وعلى سبيل المثال، نجد أن دروس العلماء والأئمة تسجل في أشرطة، وتنشر بين الناس في كل مكان، فتجد أشرطة للشيخ ابن باز والشيخ ابن جبرين والشيخ ابن عثيمين، والشيخ الألباني وغيرهم من أهل العلم وهذه الأشرطة متخصصة ومتسلسلة، وفى علوم شتي، فيأخذ الإنسان يمسك فناً من الفنون أو علماً من العلوم، ويسمع هذه الأشرطة ويتابع في الكتب التي تشرح، ويسجل كل ما أشكل عليه في ورقة ثم يسأل عنه، سواء بصفة مباشرة أم بواسطة التليفون، أم بغير ذلك، فقد أصبحت الوسائل اليوم ممكنة في الأخذ عن العلماء والاستفادة من علمهم أكثر من أي وقت مضى، وأنصح نفسي وإخواني وأخواتي بالحذر من الاعتماد على النفس في العلم، لأن الإنسان كلما ازداد علمه كلما ازداد علماً بجهله، كما يقول الشاعر:- وكلما أزددت علماً ازددت علماً بجهلي وهذا -والله- حق فكلما ازداد الإنسان اطلاعاً على العلم ومعرفة له كلما ازداد علمه بجهله، لأنه يدرك حينئذ أن العلم بحر، لا يدرك له ساحل، وأن ما حصله منه إنما هو شيء يسير بالقياس إلى ما يجهله، وهذا يجعله يتواضع ويدرك الحاجة الدائمة إلى الأخذ عن العلماء والتلقي عنهم والاستفادة منهم.