ولاية الفقيه

Q مسألة ولاية الفقيه، أثارها بعض الناس، واتهم بعض الدعاة بالدعوة إليها، فما قول الشيخ سلمان العودة في هذه المسألة؟

صلى الله عليه وسلم الناس قد يتكلمون في أمور، لا يستطيعون أن يدركوا خلفياتها ولا أبعادها الفكرية ولا العقدية أو سواها.

فأول سؤال يجب أن يطرح: ما هي ولاية الفقيه؟ فمن حق قرائي أو مستمعيَّ أن أشرح لهم المصطلح، والمصطلح ليس ملكي، ولا أنا الذي ابتدعته، أي أن الذي كتب في هذه المسألة، ليس المصطلح ملكه ولا هو الذي ابتدعه، إنما هو ناقل فليحدد لنا ما هي ولاية الفقه.

ولاية الفقيه مبدأ شيعي (100%) غير قابل للنقل لأي مذهب آخر، لأن الشيعة تميزوا بميزات عن أهل السنة.

ومن مميزاتهم أنهم يعتقدون بوجود إمام غائب، غاب سنة (260هـ) ولن يعود إلا في آخر الزمان، وهو الإمام الثاني عشر محمد بن حسن العسكري،ولهذا يسمون الإثنى عشرية، لأنهم ينتظرون ظهور هذا الثاني عشر.

وكثيراً ما يقولون بما فيهم الخميني: (عج) بعدما يذكرون اسمه، فهم يرمزون له بحرف العين والجيم، رمزاً لقولهم: عجل الله فرجه وسهل الله مخرجه، فهم يعتقدون أن هذا الإمام المختفي في السرداب سيظهر.

ولذلك سخر منهم الشعراء، وقال قائلهم: ما آن للسرداب أن يلد الذي أدخلتموه بجهلكم ما آن فعلى عقولكم العفاء فإنكم كلفتم العنقاء والغيلان أي: أنكم أتيتم بالمستحيلات، رجل غاب سنة (260هـ) ودخل السرداب، ويخرج بعد عشرات القرون بل مئات القرون، فهذا أمر عجاب، فالشيعة يعتقدون بالإمام الثاني عشر، ويرون أن الأمور كلها موقوفة إلا بظهور هذا الإمام، فلا ولاية إلا بظهوره، وكل دولة تقوم قبل ظهوره؛ فهي دولة باطلة ظالمة طاغية وحكامها مغتصبون.

فهذه هي عقيدتهم، وبالتالي واجهوا إحراجاً كبيراً طوال التاريخ، فأوجد الخميني في ولاية الفقيه لهم مخرجاً، حيث أنه جعل الفقيه الشيعي ينوب عن الإمام الغائب -بزعمهم- في تولي مسائل معينة، فجعله نائباً عنه وسمى هذا الاجتهاد الخاص به ومن قبله بأحد مشايخه، سماه: ولاية الفقيه.

فأهل السنة والجماعة ليس عندهم الإمام الثاني عشر، وأهل السنة والجماعة منذ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي كان الحكم فيهم للكتاب والسنة، والذين يحكمونهم -بحمد الله تعالى- مسلمون، وبالتالي ليسو بحاجة إلى ولاية الفقيه؛ لأن الفقيه حينئذٍ ينوب عمن؟! فليس هناك أصلاً من ينوب عنه هذا الفقيه؛ حتى تقوم هذه الفكرة أو النظرية أصلاً، إنما هي نظرية شيعية بدءاً وانتهاءً.

أما أهل السنة والجماعة، فالذي يحكمهم مسلم، سواء كان فقيهاً أم يأخذ عن الفقهاء، والأمر سيان، سواء حكم بعلمه هو إن كان عالماً، كما يُفعل بالنسبة للخلفاء الراشدين، أو عمر بن عبد العزيز أو معاوية بن أبي سفيان أو غيرهما من الخلفاء الفقهاء، أم كان يرجع إلى فقهاء أهل السنة، فيأخذ منهم، ويستشيرهم، ويصدر عن رأيهم، فالأمر في ذلك سيان، والحكم والولاية فيه لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فمن هذا المنطلق يتبين أن القضية زوبعة في غير محلها، وإنما الذين أثاروا هذه القضية -في الواقع- انطلقوا من ألعوبة نفسية يخادعون بها، وهذه الألعوبة قرأناها يوم كنا طلاباً، وأعتقد أنهم يسمونها التعلم الشرطي، أي: ربط شيء بشيء، بحيث لا يهمه إن كان الكلام خطأً أو صواباً، قبله الناس أم لم يقبلوه، حتى لو اكتشف الناس أنه خطأ، لكن يكفي أن تربط اسم فلان باسم فلان، بحيث يكون هناك شيء من التداعي، كلما ذكر فلان ذكر معه شخص آخر، فيكون هذا مدعاة لتشويه الصورة، أو للتخويف، أو لإحداث نوع من علامات الاستفهام.

وأعتقد أن هذا نوع من الكيد والمكر الفاسد، والله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:81] ولهذا دائماً تكون النتائج -بحمد الله- عكس ما يراد له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015