Q بالنسبة لتبليغ العلم، كيف السبيل إلى أن يبلغ العالم علمه، مع وجود العقبات أمامه؟
صلى الله عليه وسلم العقبات لا بد منها، والعالم الصادق لا بد أن يلقى العقبات، وإلا لم يكن صادقاً، فإن الذي أمرَنا وأمرَ الأمة بأن تبلِّغ، ذكرَ العقبات، وأن الإنسان بقدر ما يبذل، بقدر ما سيواجه من نفسه وممن حوله من الأقربين والأبعدين.
فالعقبات أمر طبيعي، وهي بالنسبة للمستبصر هي المؤشرُ على صدق توجهه، وصحة مسلكه ومنهجه، ولو لم يجد هذه العقبات كان عليه أن يراجع نفسه، ويصحح مساره، بمعنى أنه سلك طريقاً آخر لم يجد فيه تلك الجبال التي نصبت له، ولا تلك الصعاب، ولا تلك العقبات، فهذا أمر طبيعي.
لكن عليه أن يواجهها بالصبر، الذي لا يدعوه إلى أحد طرفين، إما أن ينفد صبره فيسلك مسلكاً غير محمود، لا يتسم بالحكمة ولا يتسم بالبحث عن المصلحة العامة.
أو بالعجز الذي يؤدي به إلى أن يترك، ويعتبر أن عقبات الطريق أكبر من إمكانياته، فعند ذلك ييأس ويترك العمل.
فعلى الداعية أن يتحلى بالصبر وطول النفس، ومعرفة أن الأمور تتغير، والأيام تتغير، والعقبات توجد ثم تزول.
بل إن هذه العقبات عند التأمل؛ هي جزء من شخصية العالم، ابحث عن أي عالم في تاريخ الأمة واقرأ تاريخ هذا العالم؛ تجد أن طبيعة المواقف ووجود بعض العقبات، هي جزء من تاريخه الذي كون حياته، وكون شخصيته، وكون علمه، وكونه كشيء معتبر وشيء صاحب قيمة في المجتمع، فهو أمر لا يُغضب منه، ولا يعتبر أمراً غير مألوف في حياة الدعاة وطلبة العلم، فضلاً عن العلماء.
والعقبات التي تكون أمام العالم، لا تحول بينه وبين إيصال العلم بالكلية، فإن العقبات قد تُغلق عليه طريقاً، لكن إذا كانت الدعوة وكان التعليم يتحرك في قلبه، فسيفتح بدلاً من الطريق طُرقاً، وسوف يجد الوسيلة لإيصال العلم إلى أهله، قد تغلق طريقاً، لكن يفتح الله تعالى له أخرى، بل قد يكون هذا سبباً في توجيهه إلى أمور قد تكون أثمن وأهم وأغلى مما يشتغل به، ولكنه قد يكون مقصراً فيه فتوجهه إليه.
فهكذا قد يقيض الله تعالى بعض الناس ليوجهوا الدعوة، ويوجهوا العلم الشرعي الوجهة الصحيحة التي يحتاج إليها.