الجفوة بين العلماء والشباب

Q كثيراً ما يشتكي بعض الشباب من عدم تفاعل العلماء معهم في كثير من القضايا، وكثيراً ما يقولون نحن بحاجة إلى العلماء المربين، فماذا نقول لهؤلاء الشباب؟

صلى الله عليه وسلم في الواقع أن القضية يجب أن يخاطب فيها الطرفان معاً، فمن جهة: الشباب مطالبون بأن يلتفوا حول علمائهم، ويجلسوا إليهم، ويستشيروهم في أمورهم، بل وأن يقتربوا منهم، لأن كون الشاب قد يحضر حلقة العلم ثم ينصرف دون أن يتعرف على الشيخ أو يعرفه بنفسه، أو يحييه بتحية الإسلام، أو يقدم له ما اعتاد الناس عليه من أمور فيها معاني التقدير والتكرمة والتعبير عن الود والاحترام لهذا الشيخ، فإن هذا تقصير من جانب الشاب، وينبغي أن يتدرب الشاب على طرائق وأساليب في الحضور إلى العلماء، والتعرف عليهم، وتعريفهم بنفسه، والتقرب من نفوسهم وقلوبهم.

وفي مقابل ذلك فلا شك أن الأصل في العالم أن يستمع إلى هؤلاء الشباب، وأن يفتح ويفسح لهم صدره، ليستمع إلى همومهم ومشاكلهم، وأحياناً قد يكون الشاب عنده مشكلة تؤرقه، فإذا عرضها عليك تشعر بأنها صغيرة أو تافهة في مقياسك، لكنها بالنسبة له مقلقلة ومزعجة، يحتاج إلى من يشاطره ويشاركه في الاهتمام بها، فمن المهم أن يشعر بصدر يتسع لمشاكله، يتجاوب معه، يعطيه شيئاً من وقته.

وينبغي للشاب حين يفقد هذا أن يعلم أن العالم مشغول بما هو أكبر من ذلك، فربما ينشغل العالم عن مشكلة فردية، لكنه منشغل بمشكلة أمة، ولا شك أنه حينئذٍ معذور، حين يعتذر عن سماع تفاصيل جزئية في مشكلة يعانيها شخص بعينه.

لكن على سبيل العموم، كما قال عليه الصلاة والسلام: {سددوا وقاربوا} ولا شك أن دور العالم لا يتوقف عند مجرد حقن المعلومات في ذهن الطالب، بل دوره أكبر من ذلك، فدوره هو بناءً الطالب بناء متكاملاً، والمساهمة في حل مشكلاته، وأن يعيش مع الطالب في كل جزئيات وتفاصيل حياته، أن يجعله عالماً وداعية ومصلحاً، وليس أن يجعله مجرد حافظ للمعلومات لا يتعدى الأمر عنده هذا الحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015