Q شيخ سلمان، الكتاب الذي كتبته وأصدرته: حوار هادئ مع الغزالي له أثر جيد ونحن نلمس ذلك، ولكن نريد من الشيخ سلمان، أن يعطي صورة لهذا الأثر سلباً أو إيجاباً، من خلال ما بلغه كتابةً أو مشافهةً إن أمكن؟
صلى الله عليه وسلم لقد كان لهذا الكتاب -بحمد الله- صدى واسع وطيب أيضاً، ولعلي أعتبر أن الرسائل البريدية تعطي مؤشراً واضحاً عن هذا.
فقد تلقيت، ولا زلت إلى هذا الأسبوع أتلقى رسائل من أنحاء العالم الإسلامي، بل وغير الإسلامي أيضاً، فقد جاءتني رسائل من الجزائر والمغرب ومصر ودول في الخليج العربي واليمن، وهناك رسائل جاءتني من بريطانيا وفرنسا وغيرها، وكلها تتحدث عن هذا الكتاب، وربما يكون كلامي في هذا الموضوع غير دقيق (100%) لأن هذه الرسائل ليست أمامي، لكنها كانت على الأقل مئات الرسائل، ومعظم هذه الرسائل تكتفي بالتعبير عن ارتياحها للكتاب والرد ومنهجه، وطلب نسخة من هذا الكتاب، وكذلك جاءتني رسائل كثيرة من السودان.
وهناك رسائل تثني على جوانب، وتنتقد جوانب أخرى من الكتاب، وهذه أيضاً ليست بالقليلة، قد تكون ملاحظات علمية، وقد تكون ملاحظات لغوية، وقد تكون ملاحظات منهجية، ربما أُسلم لشيء منها أن الصواب معهم، وهناك أشياء أخرى قد يكون عندي الجواب عليها، وهناك القليل من الرسائل كان نقداً للكتاب، وهذا النقد ينقسم إلى شقين: هناك نقد يقول: إنك تسامحت مع محمد الغزالي أكثر مما يجب، وقد جاءتني إحدى الرسائل من فرنسا، وكانت رسالة ثائرة، ووصفت الشيخ بأوصاف أعف عن ذكرها؛ لأنها لا تناسب، وربما يكون فيها شيء من الزيادة، فهذا نوع.
النوع الثاني: تعتقد أنني بخست حق الرجل وظلمته، ولم أعطه حقه، وأذكر منها بالدرجة الأولى: رسالة جاءتني مطبوعة، لم يتحدث صاحبها فيها عن الكتاب فقط، إنما أدخل العالم الإسلامي كله من خلال زاوية هذا الكتاب، فصار يتكلم عن مشاكل المسلمين وأوضاعهم، وأوضاعنا وأوضاع كثيرة جداً من خلال نقده لهذا الكتاب، وكان -في الواقع- نقداً مريراً.
حتى إني أذكر من كلماته أنه يقول: يمكن أنك لاحظت غلاف الكتاب، وأظن الأخ الذي رسم الغلاف اسمه زهران، وكتب اسمه على الغلاف، فهو يقول: أنا لا أجد فرقاً بين سلمان وزهران، فهذا يشطب على الغلاف، وهذا أتى بأفكار في آخر الكتاب، أو من هذا القبيل.
وربما أن هذه أكثر الرسائل غلياناً وانفعالاً، ومع ذلك كله، أذكر أن كاتبها في آخرها اعتذر لي اعتذاراً حاراً، وقال إنني أغبطك على هدوء أعصابك، وعلى سعة بالك، وشيء من هذا القبيل، وطلب التماس العذر له لأنه إنسان مشرد، ولا يستقر في مكان، من الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم، فهو قد اعتذر عن هذا، وأسال الله تعالى أن يغفر لي وله ولسائر المسلمين.
كما أنني أذكر -أيضاً- من ردود الفعل، خلال زياراتي لعدد من البلاد الإسلامية، زرت الكويت سابقاً، والبحرين وأمريكا وكندا وفرنسا، وكلها من المواقع التي توجد فيها كتب الغزالي بكثرة، وكنت أتوقع أن تكون ردود الفعل مختلفة، لكنني وجدت أن من لقيتهم مطمئنون إلى منهج الكتاب بصفة عامة، وأحمد الله تعالى على ذلك.
السؤال: بالنسبة للشيخ الغزالي، هل كان له معك نقاش في هذا الموضوع، ولو عن طريق الرسائل؟ الجواب: لقد جاءتني رسالة من أحد الإخوة من مصر، ويقول إنه تلميذ خاص من تلاميذ الغزالي، والرسالة كان فيها اعتدال واعتراف بأشياء كثيرة، وفيها تصحيح لأمور معينة، وفيها ثناء على الكتاب، وإشعار بأنه لم يقع موقعاً سيئاً من الشيخ.
وبالنسبة للأشرطة فقد انتشرت في مصر، وسمعها الغزالي، وكان مريضاً آنذاك، فسمع الأشرطة ولم يكن رده أيضاً سيئاً، وقد اتصل بي أكثر من واحد من أصحاب المكتبات، وكان تجاوبه معقولاً، لكن فيما بعد، أُجريت معه عدة مقابلات في عدد من الصحف، وكان يتكلم بطريقة مختلفة تماماً، فلا أدري هل هو يتكلم عن شيء آخر، أم أن الصحفيين أفلحوا في استفزازه بطريقة معينة، وقد يكون ثمة ملابسات أخرى.