غفلة المسلمين عن دراسات المستقبل

على رغم أن الدلائل الشرعية -التي أسلفت- تدل على أهمية النظر للمستقبل والإعداد والتخطيط له، فإن المسلمين في كثير من الأحيان غفلوا عن إدراك الواقع بالبصيرة فيه، وغفلوا عن معرفة أبعاد هذا الواقع، ومعرفة الأحداث ومجرياتها، وما وراءها، فضلاً عن أن يستطيعوا استقراء المستقبل وأخذ الأهبة والحيطة والحذر، فضلاً عن التأثير في الأحداث بصورةٍ حقيقية، ومع الأسف أننا نجد أن الغرب قد سبقنا في مجالاتٍ منها هذا المجال، فإنهم في الغرب يهتمون بالدراسات المستقبلية بشكل غريب، وقد أصبحت تلك الدراسات علماً مستقلاً بذاته يسمونه علم المستقبل، ويخصصون له الجامعات والمراكز والأندية، من ذلك مثلاً نادي روما، الذي أعد دراسات، منها: دراسة أجريت ونشرت تحت عنوان: "أحوال العالم" متوقعٌ فيها عدداً من الكوارث التي تسعى إليها البشرية، مثل كارثة الانفجار السكاني، أو كارثة نضوب الموارد الطبيعية، أو كارثة نقص الأغذية، أو كارثة الأسلحة النووية والكيماوية وتضخمها، بما يكفي لإبادة البشرية كما ذكروا في تقريرهم، ليس هذا موضع دراسة نتائجهم، وإنما المقصود أن هذا نموذجٌ لدراساتهم.

ومثله الدراسة التي أعدتها جامعة "ساسكس" وهي إحدى الجامعات في جنوب بريطانيا، ونشرت أيضاً، وكانت هذه الدراسة قد أجراها فرقٌ من الباحثين، كلما انتهى فريقٌ تولاها فريقٌ آخر، واستمرت على مدى ثلاثين عاماً، ثم نشرت وكان من ضمن النتائج التي توقعوها في تلك الدراسة أن الحضارة الغربية آيلة للسقوط، وأنهم يقولون: أن البديل هو توقع حضارةٍ تخرج مما يسمونه بالعالم الثالثة، تحتاج إلى جرأة وشجاعة وتغيير جذري في واقع ذلك العالم لإنتاج حضارة جديدة تحقق متطلبات الإنسان، إضافة إلى دراساتٍ كثيرة، قامت بها معاهد متخصصة، كمعهد المستقبل الذي يقوم عليه هملر ومعهد "هدسون" والمؤسسات المستقبلية، والجمعية الدولية لدراسات المستقبل، والتي يعد المنتسبون إليها بالألوف.

إضافةً إلى مؤتمرات ونظريات ودوريات ونشرات ومجلات، في أوروبا وأمريكا وبريطانيا، جعلت همها دراسة الإنسان والمستقبل، والعناية بذلك عنايةً كبيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015