المطلوب من المسلم تجاه الأمور المستقبلية

إننا أيها الإخوة: نميل أحياناً إلى شيء يعفينا من العمل والتفكير في المشكلات، خاصةً إذا ادلهمت الأحداث واحلولك الظلام، وحينئذٍ يحس الإنسان أنه يجب أن ينتظر وافداً من خارجه، يجلو الله تبارك وتعالى به عنه المحنة والغمة، وهذا لا شك آية العجز والفتور وضعف الهمة، فنحن كما أسلفتُ لسنا مطالبين بأن نجلس في انتظار مجيء المهدي، أو مجيء عيسى بن مريم عليه السلام ولا شك بأننا نؤمن بنزول عيسى، بل الأحاديث فيه متواترة ودلالة القرآن عليه ظاهرة، وكذلك نؤمن بخروج المهدى في آخر الزمان، والأحاديث فيه كثيرة، وقد صرح جماعةٌ من العلماء أيضاً بأنها متواترة؛ لكن ليس في النصوص الشرعية ما يدل على أننا نتعبد بانتظار هذا أو ذاك، بل هذا مهرب نفسيٌ لطيفٌ نلوذ به، ونلبي به رغبة في نفوسنا، وتدعو إلى تجنب دراسة المشكلات والتفكير في حلها، وتعليقها على أمرٍ من الخارج، وعليه فنحن متعبدون بدراسة أمورنا دراسةً صحيحة، والنظر في واقعنا نظراً سليماً، والبحث عن مخرج وبذل الوسع، وترك ما سوى ذلك لله عز وجل، فهو الذي يحكم في أمر الغيب بما يشاء.

بل أقول أيها الإخوة: حتى هؤلاء الموعود بهم، كالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام والمهدي، حتى هؤلاء الموعود بهم، لن ينزلوا على أمةٍ منهكة متهالكة متآكلة، فإن الله تبارك وتعالى وحده هو الذي يحيي الموتى، بل سينزلون على أمةٍ يجدر بها أن يقودها مثلهم، وكما أن الله عز وجل ذكر في كتابه أنه يولى بعض الظالمين بعضاً، فكذلك هو يولي بعض الصالحين بعضاً، فمتى كانت الأمة فيها صلاح وخير وقوة وجدارة، قيض الله تعالى لها من يحكمها، ممن يكون مهدياً ولو لم يكن هو المهدي المنصوص عليه في الأحاديث، لكن يكون مهتدياً بسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هذا من جهة ثانية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015