أولاً: ترك العامل جاهلاً لا يعرف دينه، وأي ظلم أظلم من أن تحرمه من سعادة الدنيا التي تكون بطاعة الله عز وجل، وأن تحرمه سعادة الآخرة بجنة الله تعالى التي ينالها بتقواه واتباع دينه وشرعه، إنه ليس من الشهامة أبداً أن تُعيِّر العامل بأن بلاده بلاد الشرك؛ ثم لا تعلمه أنت التوحيد، ولا أن تُعيِّره بأن في بلاده التبرج والسفور وتردي الأخلاق والانحلال وشيوع المنكرات، ثم تتركه دون رعاية أو عناية أو تربية أو مراقبة.
لماذا لا تسأل عاملك عن الصلاة وأدائها كما شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتعطيه فرصة القيام بها؟ لماذا لم تهيئ له فرصة العبادة كالصيام، والحج المفروض الذي تتحرق نفسه إليه، وإلى قراءة القرآن، وإلى غير ذلك من الأعمال الصالحة؛ مع أن هذا لن ينقص من عمله، بل سوف يزيده، وسيشعر بأن العلاقة بينك وبينه علاقة ود ومحبة وإخاء وحياء وسيضاعف من جهده ونشاطه؟! لماذا تترك العامل لعاداته الموروثة التي تلقاها في بيئته وأسرته أو تدعه لزملائه -زملاء العمل أو زملاء السكن- الذين هم مثله أو أقل أمنه، أو تتركه لأشرطة الفيديو يقتل بها وقت الفراغ وكل ما عملته أنك سهلت له مهمة الحصول على جهاز التلفاز وجهاز الفيديو، وشراء هذه الأشرطة أو حتى استقدامها عن طريق البريد الذي يسمح بألوان من الأشرطة للعمال وغيرهم حتى ولو كان فيها العري الكامل أحياناً وحتى لو كانت مما لا يسمح به في قوانين وزارة الإعلام؟!! أين المجهود الدعوي الذي تؤديه أنت مع عمالك؟ إنني أسألك سؤالاً: ألست تريد الدنيا، وتحب المال؟ لاشك أنك كذلك.
سؤال آخر: ألست تثق بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم قطعاً ويقيناً؟ قطعاً ويقيناً أنت تثق بأنك مسلم موحد، إذاً فاسمع يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان في قصة علي رضى الله عنه قال: {والله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم} حتى ولو كان عاملاً؟ نعم، حتى ولو كان جاهلاً؟ المهم أنه إنسان، خيرٌ لك من حمر النعم، خيرٌ لك من الذهب والفضة والدرهم والدينار والإبل التي كانت من أنفس وأعظم مقتنيات العرب وأموالهم، فأين أنت من هذا الخير الكثير.
ومثل ذلك أيضاً تلك الخادمة أو الممرضة أو غيرها، لماذا لم نأمرها بالحجاب الشرعي؟ ونسترها ونصونها ونربيها على العفاف والبعد عن الرجال ومجانبتهم، والتحرز من الاحتكاك بهم أو مقابلتهم أو القيام على خدمتهم بأي وسيلة، هذا من أعظم الأمور والمسئوليات.
وإنني بمناسبة الحديث عن موضوع دعوة العمال إلى الله عز وجل، وتربيتهم على الخير، وتعليمهم أمور الإسلام، أذكر ذلك التعميم القضائي الذي وزع على جميع المحاكم في (21/10/1411هـ) والذي يقول بما يتعلق بهذه الفقرة يقول التعميم: على كافة أصحاب الأعمال من شركات ومؤسسات وأفراد الذين تحت كفالتهم أيدٍ عاملة غير مسلمة؛ بوجوب العمل بكل الوسائل الممكنة لترغيبهم في الإسلام، وتمكين من يسلم منهم بإقامة شعائر الدين أسوة بإخوانهم المسلمين؛ وعدم التضييق عليهم، ومن يخالف ذلك من أصحاب الأعمال أو تابعيهم يحال إلى القضاء الشرعي لتقرير الجزاء الرادع في حقه، ويشار في التعميم إلى أن مراكز الدعوة والإرشاد هي الجهة المختصة لمتابعة ورعاية أحوال المسلمين الجدد، كما يشار فيه إلى حث أصحاب الأعمال على أن يكون مراقبو العمال والمسئولون المباشرون عنهم من المسلمين.
نأمل اتخاذ الترتيب لإنفاذ ما يخص هذه الوزارة بما يتعلق بالتعميم المشار إليه، وللإحاطة واعتماد موجبه فيما يخصكم جرى تعميمه والله يحفظكم، التوقيع وكيل وزارة العدل: -سابقاً الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله تعالى.
إن هذه فرصة أن يمكن العمال من الدعوة إلى الله تعالى، ويمكنون من القيام بشعائر الدين، بل وأن يكون القائمون عليهم من المسلمين؛ وأن من يعارض أحكام هذا التعميم يحال إلى القضاء الشرعي، ولدى المحاكم أوامر باستقبال كل قضية من هذا النوع.