عدم توفير ضروريات الحياة

سادساً: عدم توفير ضروريات الحياة، كيف يسكن هذا العامل؟ نعم! أنا أخبرك الخبر اليقين، يسكن أكثر من ستة وعشرين عاملاً في غرفة واحدة مساحتها (4×5) الأسرة عبارة عن طبقات بعضها فوق بعض؛ كأنها أدراج يضع العامل فيها نفسه ويصعد على السلم من أجل أن ينام في السرير الأعلى.

أما التهوية فلا تهوية، أما الإنارة فهي عبارة عن أسلاك من الكهرباء في غاية الخطورة، وإذا جاءت الأمطار صارت عرضة للإصابات وغيرها، أما التدفئة أو التكييف في الشتاء والصيف، فهذا أمر قد انتهى منه والله المستعان، وصاحب العمل يقول: مسكين أنت تريد أيها العامل تدفئة تريد تهوية! أنا في بيتي لا يوجد مكيف، فكيف أستطيع أن أحضر لك ذلك.

أما المرافق من دورات المياه فلا توجد أو توجد بصورة سيئة ورديئة.

ثم ننتقل بعد ذلك إلى توفير الماء للشرب لا يوجد، الملابس قلما توجد، الطعام لا يوجد، العلاج لا يوجد.

بل إن أحد الإخوة كتب إليّ ورقة يقول فيها: يجب ألَّا يمرض إلا إذا كان كفيله موجوداً وأذن له بذلك! هل سمعتم بهذا؟ نعم لأن المستوصفات لا تقبله في حالة مرضه إلا بشروط، الأول: وجود إقامة سارية المفعول وهذا لا غبار عليه، الثاني: وجود ورقة مختومة من الكفيل بالنسبة لمستوصفات الأحياء، أما المستشفيات فلا تستقبل أصلاً مراجعة من تسميهم بالأجانب، وأعتقد أن الأجانب ليسوا هم إخواننا المسلمون حتى لو كانوا من أي جنسية أو بلد، إنما الأجانب هم الكفار الذين في أحيان كثيرة يملكون من توفير ضروريات الحياة أكثر مما يملكه المسلم، ولعلي ذكرت لكم نماذج من هذا فيما مضى.

ألم تعرف أن الأطباء أنفسهم في الغالب ينتمون إلى جنسيات شتى من غير هذه البلاد، فكيف ترى يحدث في مثل ذلك من الحزازات والأحقاد والبغضاء حينما يرى الطبيب مثل هذه المعاملة والتمييز والتفرقة، ويرى العامل أيضاً مثل ذلك!! إنها ضروريات الحياة التي لم نفلح في توفيرها لهؤلاء العمال الكادحين؛ بل لعلك تعجب أنه حتى الموت أحياناً تكتنفه بعض الصعوبات، نعم! العامل المسلم إذا مات قد يصعب دفنه بعد موته، أما قبل موته فربما يكون من الممكن أحياناً أن يدفن بركام المظالم التي يثقل بها كاهله، ربما جلس العامل المسلم الميت في الثلاجة ثلاثة أشهر أو أربعة اشهر، والكفيل متهاون بهذا الأمر، خاصة وأن الميت لا يمكن أن يؤدي أي خدمات، والقضية عندنا قضية مصالح دنيوية، والمستشفى لا يصرح بدفنه إلا بعد استكمال الإجراءات.

لقد وقفت -أيها الإخوة- على الصورة المرسومة للسكن الذي يجب أن يعيش فيه العامل حسبما هو موجود في نظام العمل والعمال السعودي، فوجدت أمراً عجيباً.

إن نظام العمل يقدم صورة للسكن لما قرأتها أقول لكم بصراحة: تمنيت أن يتاح لي سكنٌ تتوفر فيه تلك الشروط، (مساكن واسعة، ملاعب رياضية، مستوصفات، مدارس، أماكن ترفيه، أماكن علاج، تكييف، تهوية، تدفئة، مياه نقية، دورات مياه) إنها صورة تشبه الصورة التي رسمها أفلاطون لجمهوريته، لكن هذا هو المكتوب على الورق، أما المعروف على الطبيعة فإنه لا يحتاج الى بيان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015