بيع التأشيرات

الصورة الرابعة من صور الظلم: بل هي من المظالم الكبيرة، بيع التأشيرات والفيز، فقد أصبحت سلعة رابحة رائجة، وبعض أصحاب النفوذ، وبعض الذين يملكون الوساطات والشفاعات، أو الجاه، أو المسئولية، يستخرج الواحد منهم المئات بل الألوف من هذه التأشيرات ويبيعها بأثمان باهظة، خاصة إن كان هناك صعوبة بالنسبة لبعض البلاد، وقد رأينا في تلك البلاد أن بعض التأشيرات تباع بمئات الألوف.

لقد أصبحت عملة ذات قيمة؛ يتم تداولها بين الأطراف المستفيدة، والذي لا شأن له ولا قيمة هو العامل، وهو الذي يدفع الثمن غالياً، يدفع الثمن من عرقه ومن دمه ومن دمعه، بل ويدفع الثمن أحياناً -والله- من دينه ومن شرفه، وفي معظم البلاد التي يتم فيها الاستخدام والاستقدام منها بكثرة، يوجد شركات يسمونها شركات، وقد رأينا هاهنا ووقفنا عليها، لها بيوت وأحواش واسعة تحشر فيها النساء اللاتي يراد استقدامهن، والرجال لزمن طويل في أوضاع مأساوية، ومهمة تلك الشركات امتصاص دماء الكادحين، تبيع التأشيرة بثمن باهظ لا يستطيع العامل أن يوفره إلا بعد أن ينسى بلده لسنوات وسنوات يجمع المبلغ، وربما باع العامل مزرعته وأرضه وعقاره ومتاعه وما يملك.

المهم عند ذلك العامل المسكين أن يأتي، إلى الجنة الموعودة التي صُوِّرت له هنا، وليس في الدار الآخرة، ولا يحتاج هذا العامل المسكين ليكتشف الخدعة الكبيرة، والكذبة العظيمة؛ إلا إلى بضع ساعات يقضيها في الطائرة، وما أن تقع قدمه هنا حتى يفاجئ بالأمر العظيم الخطير.

إن مسألة بيع التأشيرات من أخطر الأمور وقد علمت من خلال أسئلةٍ كثيرة، ومن خلال الأخبار وبعض القصص أن مثل هذه الأشياء أصبحت تباع بشكل كبير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015