لقد ثارت الحرب العالمية الأولى، وشارك العرب فيها الحلفاء أثناء الحرب، ولما انتهت الحرب وقامت عصبة الأمم؛ وضعوا جميع بلاد العرب والمسلمين تحت الانتداب والاستعمار، ونهبوا خيراتهم وأعطي وعد بلفور لتسليم فلسطين إلى اليهود.
ثم قامت الحرب العالمية الثانية، وكان في أعقابها قرار تقسيم فلسطين، وإنشاء دولة إسرائيل، ودعمها على المستوى العالمي من قبل الشرق والغرب، واليوم يقوم النظام الدولي الجديد بعد سقوط الاتحاد السوفيتي كبديل عن الحرب الباردة، والغريب أن هذا النظام لم يكن بديلاً عن الإسلام، ولم يكن الإسلام شريكاً فيه؛ إنما قام هذا النظام على أنقاض الشيوعية.
ومع ذلك كان نصيب المسلمين والعرب هو الأكبر في هذا النظام الدولي الجديد، فهل كان الإسلام هو العدو المنهزم أمام الغرب في تلك الحرب الباردة حتى يلقى هذه المواجهة أم أن ضرورة البحث عن عدو جعلت الغرب يواجه الإسلام في هذه الحرب؟! لم يكن المسلمون حلفاء للشيوعية التي سقطت، بل كانوا ضدها، ولم تكن الأحزاب الشيوعية في العالم الإسلامي، ذات شعبية أبداً، كان الشيوعيون في العالم الإسلامي لا يشكلون أكثر من (2%) فقط وكانت الأحزاب الشيوعية منبوذة.
ومع ذلك فإن الذين تبنوا الشيوعية في العالم الإسلامي، سواء حكومات أو أحزاب إنما تبنوها لأن أمريكا كانت تعلن دعمها لإسرائيل، فكان مقتضى العداء لإسرائيل، أن يلقي المسلمون بأنفسهم في أحضان روسيا، لكن هذا لم يقع إلا على نطاق ضيق جداً، فلماذا يعتبر الغرب أن سقوط الاتحاد السوفيتي، يعني إعلان الحرب على المسلمين، حتى أن رجلاً بريطانياً اسمه فريد هوليداي، وهو أستاذ في جامعة لندن، كان يسارياً إلى حد ما، وكان له مواقف -يقولون: مواقف مشرفة- في السابق من القضايا العربية، كقضية فلسطين مثلاً، ومع ذلك كتب مقالاً في جريدة الإندبندت البريطانية يدعو إلى أخذ الحذر من الإسلام، وقال: إن الإسلام غزا أوروبا مرتين، ويجب الاستفادة من القوة الأمريكية الموجودة اليوم لضرب الإسلام قبل أن تتم المحاولة الثالثة الإسلامية لغزو أوروبا.
إذاً: في ظل النظام الدولي الجديد، هناك حرب معلنة على الإسلام، وقد لخص وزير خارجية بريطانيا هذه الحرب بقوله: يجب على الأمم المتحدة أن تقوم بدور امبريالي في حكم الدول الصغيرة التي لا تحسن حكم نفسها، نعم الدول الإسلامية: هي الدول الصغيرة التي لا تحسن حكم نفسها.