Q أرجو توضيح هذه المقولة والتفصيل فيها -إن كانت تحتاج إلى تفصيل- والمقولة هي: كفر دون كفر، هل هي صحيحة أم لا؟ وجزاكم الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم مقولة كفر دون كفر هذه، ثبتت عن ابن عباس رضي الله عنه، في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44] فقال: إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، أي: الخوارج، وإنما هو كفر دون كفر، وهي صحيحة كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم، كل هذه الأشياء صحيحة، بمعنى أن الكفر كفران: أولاً: كفر أكبر ينقل عن الملة: وذلك كعبادة غير الله أو دعائه، أو الشرك بالله تعالى، أو اعتقاد أن هناك نظاماً خيراً من نظام الإسلام، أو مثله، أو اعتقاد أن الإسلام لا يصلح للتطبيق في هذا العصر مثلاً، أو تحكيم القوانين الوضعية في رقاب المسلمين ودمائهم وأموالهم، واستباحة ذلك.
فكل هذه الأشياء هي من الكفر الأكبر الناقل عن الملة.
أما النوع الثاني: فهو كفر دون كفر، وذلك كما ورد في نصوص كثيرة أنه: {أيما عبد أبق من مولاه فقد كفر حتى يرجع إليه} أو أن: {من أتى امرأة في دبرها فقد كفر} أو {من انتسب إلى غير مواليه، أو إلى غير أبيه فقد كفر} أو قوله عليه الصلاة والسلام: {ثنتان من أمتي هما بهم كفرٌ، الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت} إلى غير ذلك من الأمثلة.
فكل هذه الأشياء هي من كفر المعصية -الكفر الأصغر- فهو كفر لا يخرج عن الملة، وقل مثل ذلك في الفسق، فالفسق قد يطلق على الكفر كما في قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقا} [السجدة:18] يعني كمن كان كافراً، لقوله بعد ذلك: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} [السجدة:20] .
فالفسق قد يكون فسقاً أكبر، يعني: كفراً مخرجاً من الملة، وقد يكون فسقاً دون ذلك كسائر المعاصي التي يرتكبها الإنسان.
وكذلك الظلم قد يكون ظلماً أكبر بالكفر، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13] وقد يكون ظلماً دون ذلك كظلم الإنسان نفسه بألوان المعاصي.