الاتهام بخدمة أهداف خاصة

الأسلوب الرابع: هو الاتهام بخدمة أهداف خاصة.

كأن يتهم الدعاة بأنهم لا يسعون إلى مصلحة الأمة ولا يهمهم أمر الدين، وإنما هم يسعون إلى تحقيق أهداف جماعة بعينها، وما ذلك إلا للحيلولة بينهم وبين بقية المسلمين.

إنني أقول لكم أيها الإخوة: إن مجرد الانتماء والانتساب للجماعات التي تكون على الكتاب والسنة، وعلى طريقة السلف الصالح؛ إن مجرد الانتساب ليس حراماً بذاته، وقد قرأت لكم في المجلس السابق فتوى سماحة الوالد عبد العزيز بن باز بحروفها في هذا الجانب، ومن ينتسب إلى جماعة من هذه الجماعات، ليس عليه حرج أن يعلن ذلك صراحة، لأن المسألة لا تعدو أن تكون تعاوناً على البر والتقوى، وليس الانتساب إلى هذه الجماعات عيباً ولا عاراً، ولكن مجرد إلصاق هذه التهمة بفلان أو علان دون أن يقول هو بذلك ولا ادعاه ولا أعلنه؛ إن هذا من أظلم الظلم، وهو من الكذب الذي يجب ألا يلقه المسلمون بألسنتهم.

إن هذا التصنيف إلى جماعات وطوائف الذي تسعى إليه أجهزة الأمن في بلادٍ كثيرة، وقد أصبح يتسرب إلى منطقة الخليج العربي؛ يجب أن يحارب علانية، والانتساب إلى الجماعات -كما قلت- متى كان مجرد انتساب، لا يشوبه تعصب ولا بدعة ولا هوى؛ ليس عيباً ولا عاراً، ولكننا مع ذلك -معاشر دعاة الإسلام- نرى أن الأفق الأرحب أفق الأمة أوسع وأنظف وأحسن، وبناءً عليه؛ فإن دعاة الإسلام ليسو دعاة جماعة بعينها، ولا يدعون الناس إلى طائفة بذاتها، وإنما هم دعاة إلى دين الإسلام، ولا يقبلون هذه الأطر الضيقة؛ أن يحجموا بها شخصياتهم أو عقولهم أو آراءهم أو نفوسهم، وإن كانوا لا يحاربون هذه الجماعات، ولا يناصبونها العداء، بل هم يصادقونها ويوالونها على البر والتقوى والطاعة، ويتعاونون معها بالمعروف، ويناصحونها إذا رأوا منها ما يوجب النصيحة، وهذا هو الذي أعلمه من هؤلاء الدعاة.

ومن ذلك أيضاً: العمل على تكثير الجماعات الإسلامية والطوائف، وتشقيقها وتوسيعها، وضرب بعضها ببعض، حتى يسلم العدو، ويقف متفرجاً؛ على حين يتشابك هؤلاء كما يتشابك الصبيان فيما بينهم.

إن الغريب قد لا يستطيع ما يستطيعه القريب، فالقريب أبلغ في المحاربة: احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة فلربما انقلب الصديق فصار أدرى بالمضرة ولذلك يجب على دعاة الإسلام ورجاله وحملته؛ أن يكونوا فوق مستوى المسائل الشخصية، والمعارك القريبة، وأن لا يقبلوا أن تثار معركة إلا مع عدو الإسلام، أما المعركة مع إخوانهم ومع أحبابهم وأصحابهم؛ فيجب أن لا يستجيبوا لها، وأن يكونوا فوق مستوى هذه المعارك التي هي للعدو لا للصديق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015