إن الأعداء مهما وجد بينهم من التباغض والتباين والتناقض والتباعد، فإنهم إذا واجهوا الحق وواجهوا الإسلام؛ وحدوا صفوفهم في مواجته، خاصةً إذا قويت شوكة الدين وعز جانبه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] .
مع أن التاريخ شاهدٌ بالكثير من القصص والأخبار، التي كان اليهود فيها أعداء للنصارى، وكان النصارى فيها أعداء لليهود، ومع ذلك قال الله تعالى لليهود: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] قال بعض المفسرين: المعنى أن بعض النصارى أولياء لبعض، وبعض اليهود أولياء لبعض.
وقال آخرون: بل المعنى أن اليهود والنصارى يجتمعون ويوحدون كلمتهم إذا واجهوا دين الحق والإسلام، فينسون العداوات فيما بينهم لمواجهة هذا العدو المشترك، كما هو المشاهد اليوم، فإننا نجد تحالف القوى العظمى ضد الإسلام، اليهودية، والنصرانية، والعلمانية، وبقايا الشيوعية، كلها أصبحت جبهة واحدة ضد الإسلام.
وليسَ غريباً ما نرى منْ تصارعٍ هو البغيُ لكنْ بالأسامي تجددا وأصبحَ أحزاباً تناحرُ بينها وتبدو بوجهِ الدينِ صفاً موحدا إنهم جميعاً يظهرون العداوة لهذا الدين: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:118] .
من كل ذئب إذا واتته فرصته أهوى إليك بناب الغدر عن كثب وإن بدا جانب الأيام معتدلاً سهلاً أتاكَ بثغرِ أغيدٍ شنب ما شئتَ من مقتٍ ما شئت أدبِ ما شئت من ذلةٍ في خده الثربِ إن الأفاعي وإن لانتْ ملامسها ماذا على نابها من كاملِ العطبِ كانوا المطيةِ للأعداء مذ درجوا فينا وما برحوا في كلُ محتربِ رسل الفساد وما حلوا وما رحلوا إلا وكانوا به أعدى من الجربِ