القاعدة الأولى: العداوة والصراع في الحياة سنة إلهية

إن العداوة والصراع في هذه الحياة قائمة إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، وليست هذه العداوة بالضرورة مبنية على خطأ ممن نصبت له العداوة، ولا على ظلم، ولا على اعتداء؛ بل إن الله تعالى، وهو الإله الكريم الجواد الرحيم الرحمن المتفضل على عباده بكل خير، ومع ذلك كان له من خلقه أعداء، كما قال الله عز وجل: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:98] .

وهكذا الملائكة عليهم الصلاة والسلام، وهم خلق عند الله تعالى في السماء، ومع ذلك لهم أعداء، والرسل عليهم الصلاة والسلام لهم أعداء، وأي أعداء قال تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [البقرة:97] .

فذكر أن هناك من اليهود وغيرهم من هم أعداء لجبريل عليه الصلاة والسلام، أما الرسل صلى الله عليهم جميعاًَ وسلم، فإن العداوة لهم برزت أشد البروز، لأن لكلٍ منهم شريعةً ومنهجاً وأتباعاً وديناً، وربما أقام النبي عليه الصلاة والسلام دولة، وحارب أعداءه وقاومهم، ولهذا قال الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان:31] .

فانظر كلمة (كل) ما من نبي إلا وله أعداء، مع أن النبي قد لا يكون له أتباع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {رأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي وليس معه أحد} فهناك من الأنبياء من لم يكن لهم تابع، لكن كان لهؤلاء أعداء يحاربونهم ويناصبونهم، وقال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام:112] .

وهذا يبين سبب خلق النار، وما فيها من السعير والعذاب، لأن النار أعدت لهؤلاء الذين فسدت فطرهم، وخربت عقولهم، وتحجرت قلوبهم، فهم لا يسمعون.

وإن كانوا ذوي آذان، ولا يبصرون وإن كان لهم عيون، ولا يعتبرون وإن كان في صدورهم قلوب، لكنها لا تعي ولا تعقل، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179] .

فهؤلاء الذين هم أعداء الرسل، وأعداء الله والملائكة، وأعداء الدين والحق، هم وقود النار، فهذه قاعدة لا بد من فهمها وبيانها، مهما حاولت وجادلت وتحريت وتلطفت، واستخدمت من الأساليب والطرق، فلن تعدم عدواً، ولن يعدم المؤمن أحداً يؤذيه حتى ولو كان على قمة جبل.

ولستُ بناجٍ من مقالةِ شانئٍ ولو كنتُ في رأسٍ على جبلٍ وعر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015