الفضيحة في الدنيا والآخرة

من الآثار السيئة: قضية الفضيحة، والفضيحة لها صور شتى، منها: افتضاح الإنسان في وقوعه في معصية، حتى يتكلم الناس عنه، حتى الذين يقعون في مثل ما وقع فيه يتكلمون عنه في المجالس ويقولون: أنا رأيت فلاناً وكذا وحصل له كذا، وأي شر أسوأ من أن يسود وجه الإنسان بفضيحة تلاحقه أبد الدهر.

صورة أخرى من صور الفضيحة أعظم من هذه، بعض الشباب في فترة من فترات غياب الموجه، وغياب الإنسان الذي يرشدهم، يسافرون إلى الخارج ويرتكبون الحرام، فيمكن أن يفضح عن طريق وجود مرض جنسي يصيبه بسبب المعاشرة المحرمة، وكثير من المومسات والبغايا في العالم مصابات بأمراض مثل الهربس والإيدز وغيرها.

والغريب أن علماء الطب يقولون: إن المرأة المصابة بهذا المرض الجنسي يصبح عندها حقد عجيب على الرجال، فتتمنى أن توقعم في الشرك، ولهذا تتزين لهم وتتعرض لهم، وتحاول أن تغريهم وتخطفهم، حتى إذا التقوا بها جنسياً انتقل المرض باللقاء الجنسي إليهم.

حتى أنني قرأت مرة قصة عجيبة، تقول: إن هناك رجلاً من أثرياء العرب وأصحاب رءوس الأموال، ذهب ودخل في أحد المطاعم في أوروبا، فلما دخل وجد فتاة في أول المطعم جالسة على الماسة بمفردها ومعها حقيبتها، وإذا بها قطعة من الجمال، فجاء وجلس إلى جوارها، وحياها وتحدث معها وضاحكها، ثم عرض عليها أن تذهب معه، فوافقت مباشرة، ومن الواضح جداً أنها استرسلت معه في هذا الأمر وكأنما كانت تنتظره.

فذهب وجلس وإياها في غرفة في أحد الفنادق، وارتكب معها الحرام، ونام آخر الليل، فلما استيقظ التفت ينظر إلى الفتاة فما وجدها بجانبه، وجد أنها قد قامت، فقام فزعاً؛ لأنه قد تعلق قلبه بها، قام فزعاً يتلفت في الغرفة فلم يجدها، ذهب يميناً وشمالاً فما وجدها، دخل إلى دورة المياه، فلما دخل وجد كلاماً مكتوباً على زجاجة المغسلة، مكتوب بالروج الذي تتجمل به المرأة بخط عريض: مرحباً بك عضواً جديداً في نادي الإيدز! وفعلاً فزع الرجل وذهل؛ لأنه عرف أن هذه المرأة مصابة، وأنها عندما كانت تنتظره عند باب المطعم، كانت تنتظره لتوقع به كما تنتظر فريستها، وفعلاً أصيب الرجل والعياذ بالله بهذا الداء القاتل بسبب هذه الوقعة، فهذه من الفضيحة.

وكثير من الشباب -دعك من الإحصائيات الرسمية لكن الحقائق تنطق- كثير من الشباب من هذه البلاد -فضلاً عن غيرها- ولك أن تطلق الخيال لعنانك، فكثير منهم قد يستحي -أصلاً- أن يبوح بإصابته بالمرض، لكن الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى مراجعة المستشفيات والمصحات أعداد كبيرة، فهذه يعني فضيحة كبرى والعياذ بالله.

وهناك فضيحة أيضاً بشكل ثالث، الفضيحة عن طريق وقوع الحمل، فقد يرتكب الإنسان الجريمة في ساعة من ساعات فوران الشهوة وغلبة الشيطان وغيبة الإيمان، فيكون جنى جناية عظمى على نفسه وعلى غيره.

فنحن إذا رأينا أو زرنا بعض الشباب الذين يكونون مجهولي الهوية لا يعرف من أبوهم، فنحن نشعر بحجم كبير من الشفقة عليهم، والرحمة لحالهم، والتحسس لهم، ونشعر بالجناية الكبرى والجريمة المنكرة، التي لا يمكن أن يقدرها الإنسان، على أب كان هو السبب في عذاب مثل هذا الولد، حتى إن الإنسان -أحياناً- يجد مشاعر لا يملك إزاءها إلا البكاء أمام أمثال هؤلاء الأبرياء، بعضهم أطفال في وجوههم براءة الأطفال، ابتسامات بريئة، لا يدري، وقد يدري بالأمر الصعب الذي يواجهه أمام المجتمع، حين يسأل عن أبيه فلا يجاب! من الفضائح -أيضاً- التي يتوقعها الإنسان ويترقبها -وهي أعظم الفضائح- الفضيحة على رءوس الأشهاد يوم القيامة.

وإذا كان الإنسان منا ليس عنده استعداد للفضيحة أمام عشرة أو عشرين أو خمسين الآن، فما بالك بفضيحته يوم القيامة على الخلائق كلهم من الأولين والآخرين؟! وهي فضيحة طويلة، ليست بيوم أو يومين أو شهر أو سنة أو عشر سنوات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015