في صفحة [86/87] تطرق المصنف رحمه الله لبعض عيوب أصحاب الحديث، وأصحاب الحديث كما قيل: هم على ما هم خيار القبائل، وأفضل أصحاب العلوم، لكن ليس من طائفة إلا وفيها عيوب، والتحذير من عيوبهم مطلوب، فذكر أن رجلاً رأى من أصحاب الحديث بدعة سيئة، فلام أهل الحديث، وقال: إنه لا يعلم علماً أشرف، ولا قوم أسخف منهم، وهذا يحمل على أنه قاله في حال غضب وانفعال، ولا يقبل من قائله.
وذكر أن رجلاً كان في مجلس عبد الواحد بن غياث يقول: سمعت أبي رأى رجلاً من أصحاب الحديث صلى لجنبه، فلما سلم الإمام سلم دفاتره -وكانت قد فاتته ركعة- ولم يصلِّ الركعة التي فاتته، يعني لانشغاله بالطلب غفل عن الركعة التي فاتته، وذكر هاهنا قصة يقول: حدثنا مؤمل بن إيهاب قال حدثني يحيى بن حسان قال كنا عند سفيان بن عيينة وهو يحدث، فازدحمت فرقة من الناس على محمل شيخ ضعيف فانتهبوه، ودقوا يد الشيخ -أي ضروا الشيخ- وأخذوا بعض ما معه، فجعل الشيخ يصيح يا سفيان لا جعلتك في حل مما فعلوا بي، لأن ذلك كان في مجلسه، بسبب الزحام، قال: وسفيان لا يسمع -أي: أن سفيان يسمع صوت الرجل لكن لا يدري ما يقول- قال سفيان: فنظر سفيان إلى رجل من أولئك الذين صنعوا بالشيخ ما صنعوا -رجل ليس من أهل الحديث لكنه ملصق فيهم- فقال له سفيان ماذا يقول هذا الشيخ؟ قال: يقول زدنا في السماع" العكس- الشيخ يريد أن يسكت سفيان، حتى يزول الزحام، فهذا قال: إن الرجل قال يا شيخ يا سفيان: زدنا في السماع.