الكفاءة في النكاح

في صفحة [158] ذكر الكفاءة في النكاح، وبماذا تكون الكفاءة؟ والمقصود بالكفاءة: تكافؤ الزوجين، والفقهاء لهم في ذلك تفصيلات كثيرة في المقصود من الكفاءة.

فالمصنف رحمه الله قال: " فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم في الكفاءة في النكاح " وذكر آيات وأحاديث ثم قال: " فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم، اعتبار الدين في الكفاءة أصلاً وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر " ومع الأسف -إخواني الكرام- فإن كثيراً من الآباء يزوجون بناتهم المؤمنات الدينات الصينات من كفار لا يصلون، بل بعضهم ملاحدة وقد يكونوا شيوعيين أو ملحدين أو زنادقة.

فقد تجد بنتاً متدينةً، تصوم النهار وتقوم الليل، في بيت رجل سكير عربيد فاجر لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، فتلقى منه الويل، لأن المرأة موقعها ضعيف، وقد لا يصلي هذا الرجل، فتجده-في البيت دائماً أوقات الصلوات، وهي مكرهة- يأخذها زوجها بالقوة من بيت أهلها، ثم يأتي بها إلى بيته ويضاجعها ويجامعها بالقوة، وهي لا تملك لنفسها، إلا الدموع والبكاء، وسؤال الله عز وجل.

أفلا يخافون الله عز وجل القائل: {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:4-6] فيجعل الواحد ابنته عند رجل كافر، يطؤها حراماً نسأل الله السلامة من ذلك.

يقول المصنف: فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الدين في الكفاءة أصلاً وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر ولا عفيفة بفاجر، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك، فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث، ولم يعتبر نسباً ولا صناعة، ولا غنىً ولا حريةً، فجوز للعبد القنِّ نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفاً مسلماً، وجوز لغير القرشيين نكاح القرشيات، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات، وللفقراء نكاح الموسرات.

وقد تنازع الفقهاء في أوصاف الكفاءة… إلى آخر ما قال.

والمهم أن رأي المؤلف رحمه الله أن الكفاءة هي الدين فقط، وبناءً عليه: يُعلم أن ما شاع عند الناس من أن الناس لا يتزوج بعضهم من بعض إذا اختلفت أنسابهم -كما يعبرون بالخطوط- فهذا خط وهذا خط، وهذا قبيلي، وهذا خضيري، وهذا كذا وهذا كذا، وبنوا عليها: أن هذا لا يتزوج من هذا، فهذا من انتكاس القيم والمفاهيم.

ومن العجيب أن الناس في هذا الزمان -كما ذكرت لكم قبل قليل- قد يزوج الرجل النسيب من عائلة معروفة ابنته من كافر لا يشهد الصلاة ولا يصلي جمعة ولا جماعة، ولا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر!! لماذا؟! لأنه من قبيلة كذا أو من عائلة كذا، ويأتيه إنسان قد يكون في الغاية من الدين والورع والتقوى والصلاح، ليس من نسبه فيرده! فهكذا يكون انتكاس المفاهيم واختلال القيم، لكن في هذه المسألة ينبغي أن تراعى قضية وهي: أنه إذا كان مثل هذا الأمر يدعو إلى مشاكل عائلية، وافتراق وقطيعة رحم، ونوع من هذه الأمور، وقد يؤدي فيما بعد إلى الطلاق، بسبب ضغوط الأهل، فيحرص الإنسان على تجنبها، لا لأنه غير جائز شرعاً، لكن مراعاة للمصلحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015