القتل والحرق والتخريب

أما عن القتلى والجرحى في شوارع المدن فقد رأينا العشرين والثلاثين بجانب بعضهم البعض لا يمكن أن يقترب منهم أحد، ولا يمكن أن يواريهم المسلمون، ورأينا امرأة أطلق عليها النار، فالتف الناس حولها وأسرعوا بها لكنها ماتت بين أيديهم، ورأينا الأطفال عند إلقاء القنابل يهربون، لكن لا يدرون إلى أين يذهبون، وقد قتل عدد كبير منهم، كما سنقرأ بعد قليل -إن شاء الله-.

كذلك شاهدنا الناس في مقبرة مدينة سراييفو العاصمة يحفرون القبور، ويدفنون الموتى ولا يصدق المنظر إلا من رآه، كأنك تشاهد من في هذا المسجد، من كثرة من يحفر القبور ومن يقوم بدفن الموتى، وهذا لا شك أنه يدل دلالة قاطعة على عظم المصيبة وكثرة القتلى.

أما عن الحرائق فلا تسل، فرأيت قبل ليلتين سراييفو وهي تحترق جميعها، في كل مكان تحترق هي والمدن الكبيرة، وتنقلها التليفزيونات الألمانية والنمساوية حية على الهواء، رجال المطافي يتركون النار؛ لأن القنابل تتساقط عليهم، وبدأ الصرب في الآونة الأخيرة بإلقاء القنابل الكبيرة التي لم تكن تُعرف إلا في الحروب الكبيرة، كحرب الخليج فبدءوا يلقون القنابل التي يبلغ زنة الواحدة منها مائتين كيلو، وقد رأيتها وهي تلقى على أحد المنازل فتدمره تدميراً عظيماً حتى خلصت إلى الملجأ الذي دخله النساء والأطفال فقتلتهم جميعاً وهم ست عشرة نفساً، وقد بلغ عدد من فر إلى كرواتيا أكثر من مائتين وخمسين ألف لاجئ، وإلى سلوفينيا أكثر من ثلاثين ألفاً، أما الذين يدورون في داخل البوسنة يتنقلون من مكان إلى مكان، فيزيدون على الثلاث مائة ألف.

ويتبع الصرب في طريقة دخولهم للمدن الإسلامية وضربها أسلوباً في غاية الخبث، فيحيطون بالمدينة -كما وصف لنا أحد من خرج من تلك المدن واسمه حارث رجيج وهو من مدينة جفنسا، وقد خرج منها قريبا ورأيناه هناك- فقال: إنهم يحيطون المدينة بالدبابات، ثم يطلبون من المسلمين أن يسلموا أسلحتهم، وسواء سَلَّمْ المسلمون أسلحتهم أم لم يسلموا فإنهم يبدءون بضرب المدينة بالدبابات والمدافع ثلاثة أيام، ثم بعد أن يضربوا المدينة يدخلونها، فيقتلون كل من قابلوه على السواء ذكوراً وإناثاً، ويطلبون من الرجال أن يكشفوا عن عوراتهم، فمن وجدوه مختتناً قتلوه، ثم بعد ذلك يطردون من بقي، ويحضرون الشاحنات الكبيرة ويحمِّلونها بما تحويه هذه المخازن والبيوت من المواد الغذائية ومن الأثاث، ثم بعد ذلك يطلبون من الناس العودة، فإذا بدأ الناس بالعودة صوروا عودتهم إلى منازلهم، ثم تبع ذلك عرض في تليفزيوناتهم للعالم كله بأنهم لا يتعرضون للمسلمين، وأن المسلمين هم الذين يقاتلون الصرب ويطردونهم، وبعد ذلك يقومون بإحراق ما يشاءون من المدن، ويركزون على المساجد والمنشآت الحيوية في هذه المدن.

هذا عرض موجز لبعض المشاهد ولطريقة دخول الصرب وهتكهم للحرمات والأعراض، وسفكهم للدماء، وضربهم للرقاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015