أيها الإخوة: لابد من معرفة العدو من الصديق حول هذا الأسلوب، أسلوب دس المنافقين وبناء مساجد الضرار، لئلا يلتبس الأمر على كثيرين، فيتهمون من هم من هذا الأمر براء، أو ينخدعون بأناس ليس لهم في هذا الشأن نصيب.
فمن أوجب الواجبات على المسلم؛ أن يعرف عدو الإسلام من وليه، وهذا أمر تقتضيه الأخوة، والولاء والبراء في الإسلام، فلا ننخدع بشخص لمجرد أنه يتكلم بكلام معسول، حتى نرى مصداق ذلك في سيرته وسلوكه.
الأمر الآخر: لابد من فضح المنافقين وبيان خططهم ومؤامرتهم على الإسلام، سواءً كانوا أشخاصاً أو مؤسسات، أو أجهزة أو جمعيات، أو أحزاب أو تجمعات، أو ملل أو نحل، لابد من فضحها، وهذا من ضمن المقاصد التي نزل القران من أجلها، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:55] فاستبيان سبيل المجرمين -أي: إيضاح ومعرفة سبيل الكافرين والضالين- هي من مقاصد إنزال الكتب وبعثة الرسل؛ لأن المسلم مطالب بأن يحب المسلم ويبغض الكافر والمنافق ويتبرأ منه، وكيف تبغضه وتبرأ منه وتحاربه وأنت لا تعرفه؟ ولذلك من أعظم المصائب التي يبتلى بها المسلمون، أن يلتبس العدو عندهم بالصديق، فيتحول الصديق -أحياناً- إلى عدو، ويتحول العدو -أحياناً- إلى صديق، لماذا؟ خذ مثالاً: قد يقع داعية من الدعاة في خطأ -والخطأ لا يسلم منه أحد- فيتحول هذا الداعية من صديق نعرف أنه مجاهد في سبيل الله ومضحٍ، عند بعض الناس إلى عدو؛ لأنه أخطأ، ومن هو الذي لا يخطئ؟ فهنا جعلنا الصديق عدواً.
مثال آخر: قد ينصح الداعية لبعض قومه، والنصيحة -أحياناً- توجد البغضاء، كما قال الأول: وكم مرة أتبعتكم بنصيحتي وقد يستفيد البغضة المتنصح أي أن الناصح ربما يبغض، لماذا؟ لأنه قال لنا كلاماً ما نحب أن نسمعه، نحن دائماً نحب أن نسمع من يمدحنا، ويقول: كلكم على صواب، وكل فعلكم حسنٌ وجميل، ولم يقع منكم ما يعاب، فهذا من طبيعة الإنسان: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص:24] ولذلك إذا وجد إنسان يقول لنا: أخطأتم.
ربما نبغضه ونحوله إلى عدو، ولو كان داعية للإسلام.
فهنا جعلنا الصديق عدواً، وفى أحيان أخرى لغفلتنا وسذاجتنا نجعل العدو صديقاً؛ لمجرد أنه كان يجيد فن الخداع.