زرع النفاق وبناء مساجد الضرار

الأسلوب الثاني -من أساليب حرب الإسلام قديماً وحديثاً- هو: زرع النفاق وبناء مساجد الضرار.

وهذا الأسلوب من المكر اليهودي، فبعد أن استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وضرب الإسلام بجرانه في الأرض، علم اليهود أن من الصعب حرب الإسلام علانية؛ فزرعوا ودسوا أذرعهم الخفية وهم المنافقون، ولذلك كانت الأولى البذرة من النفاق في المدينة على أيدي اليهود، كانوا منافقين من اليهود، الذين أظهروا الإسلام لضرب الإسلام وحربه، وهؤلاء أشد خطراً من الكافر المعلن وذلك لما يأتي: أولاً: لأنهم يعيشون بين المسلمين، ويعرفون عورات المسلمين، ويستطيعون أن يصيبوهم في الصميم.

ثانياً: لأنه يصعب اتقاؤهم، فالكافر المعلن يمكن معرفة الخطر منه؛ لأنه معروف متميز، أما المنافق فإنه يعيش داخل الصف المسلم، وبالتالي يصعب معرفته واتقاء شره، ولذلك قال الله تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون:4] أي: المنافقين، وقوله: (هُمُ الْعَدُوُّ) هذا أسلوب حصر، ومعروف عند العارفين باللغة العربية كأن معنى قوله: (هُمُ الْعَدُوُّ) أي لا عدو إلا هم، وليس المقصود حصر العداوة فيهم فقط، لكن المقصود التأكيد على شدة عداوتهم، وضراوتها وقسوتها وصعوبة الحذر منها، ولذلك قال: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:4] والمنافقون في كل زمان ومكان، لهم شخصيات ومؤسسات وملل ونحل، يدخلون وينفذون من خلالها.

على سبيل المثال: من شخصياتهم التاريخية عبد الله بن سبأ اليهودي، المعروف بـ ابن السوداء، وكان يهودياً من أهل صنعاء، فلمَّا رأى قوة الإسلام وانتشاره؛ أعلن الإسلام وجاء بين المسلمين، ثم تسلل إليهم، وبدأ يفتك بالمسلمين ويدعو وينشر بينهم الأفكار الضالة باسم الإسلام.

والشخصيات المنافقة على مدار التاريخ كثيرة، أما الملل والنحل فلعل من أكثرها وأعظمها التي استغلها المنافقون، على سبيل الإجمال ما يسمى: المذاهب الباطنية، والمذاهب الباطنية لفظٌ عام يشمل طوائف كثيرة، من الرافضة، والصوفية، والقاديانية، والبهائية في العصر الحاضر، وغيرها من الملل والنحل التي انشقت عن جسم الأمة الإسلامية، وأصبحت تقيم المؤسسات والمدارس والمراكز في بلاد العالم الإسلامي، وفي بلاد أمريكا وأوروبا، وتعلن أنها تدعو إلى الإسلام، وهي في الواقع تدعو إلى دينٍ آخر غير دين الإسلام، وإلى نبيٍ آخر غير محمد عليه الصلاة والسلام، لكنها تتمسح بالإسلام؛ للخداع والتضليل لهؤلاء السذج المغفلين، خاصة حين يكون الإنسان غير مسلم فيدعى إليهم، أو يكون حديث عهد بالإسلام، ولا يعرف عنه شيئاً ولا يميز بين الحق والباطل، فيضله هؤلاء، وقد يدخلونه في دينهم وملتهم ونحلتهم.

فهذه نماذج من المنافقين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015