أما غير المؤمن فإنه يمضي قُدماً لا يلوي على شيء، كما حكى الله تبارك وتعالى عنهم: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون:76] ما خضعوا، ولا ذلوا، ولا انكسروا، ولا دعو الله عز وجل، ويقول الله تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ * وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [المؤمنون:74-75] .
فهم في الدنيا كشأنهم في الآخرة، أليس الله عز وجل أخبر عن هؤلاء القوم في الآخرة حين يعاينون النار بأعينهم، ويوقفون عليها، كما ذكر عز وجل عنهم {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام:27] فهذا كلامهم، قال الله عز وجل وهو أصدق القائلين: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام:28] .
حتى بعد أن عاينوا النار بأعينهم وشاهدوها وقاسوا شيئاً من حرها ولهيبها، وخوفها، لو ردوا إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه.
يقول: ابن عباس رضي الله عنه: [[كل شيءٍ في القرآن "لو" فهو مما لا يكون]] .
لكن لو فرض أنهم ردوا، لرجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر والضلال والفساد: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون:76] .
يقول مجاهد: العذاب هو السَنة، يعني: القحط، والجدب، والجوع، وغير ذلك.