صور من إكرام الله لأوليائه

فالله عز وجل أجرى الآيات، وأجرى المعجزات، وأجرى الخوارق، التي لم تكن للناس في حساب، أجراها لأوليائه ورسله وأنبيائه، حتى أتباعهم فهذا أبو أدريس الخولاني، لما ألقاه الأسود العنسي في النار، لم تحرقه النار، فخرج منها كما خرج إبراهيم من نار النمرود!! حتى إذا جاء إلى عمر رضي الله عنه، قام إليه، وقبله وقال: الحمد لله الذي أرانا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من حقق الله تعالى له الآية التي أجراها على إبراهيم عليه السلام: {يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء:69] فالله تعالى حيٌ قيوم، قدير، وهم لا يعجزونه، يقول الله عز وجل: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ * وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال:59-60] .

أعدوا ما استطعتم، لكن إن استفرغتم وسعكم، فلا تعتمدوا على إعدادكم، فإن إعدادكم بالقياس إلى قوة العدو غالباً قليل، لكن اعتمدوا على الله عز وجل، فإنه يكمل نقصكم.

أيها الإخوة المؤمن المعتبر حاله كحال وهب بن منبه رضي الله عنه، يروى أنه سجن يوماً من الأيام في السجن، فقال له أحد الحضور: [[يا أبا عبد الله، ألا أنشدك بيتاً من الشعر؟ -يريد أن يقرأ عليه القصيدة، ليسري عنه ويذهب ما بنفسه من الهم والحزن- فقال له: يا ولدي نحن الآن في طرف من عذاب الله عز وجل، والله تعالى يقول: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُون} [المؤمنون:76] ثم صام ثلاثة أيام متواليات، فقيل له: يا أبا عبد الله ما هذا الصيام؟ قال أُحدث لنا فأحدثنا]] يعني: قضية عادية سجن ثلاثة أيام، ولم يقل: هذا بسبب كيد الأعداء، وهكذا وهكذا، بل رجع إلى نفسه، يقول: هذا لا شك بسبب ذنبٍ وقع مني، ولذلك يقابله بماذا؟! يقابله بالتوبة النصوح، وصدق اللجوء إلى الله عز وجل، فيصوم ثلاثة أيام متتابعات.

لذلك انظر مثلاً إلى موسى عليه الصلاة والسلام، لما أخذت قومه الرجفة ماذا قال؟ قال: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف:155] .

ويونس عليه الصلاة والسلام في بطن الحوت قال: {لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87] فعاد إلى نفسه يلومها، ويعاتبها، ويوبخها، ويستغفر من ذنبه.

نوح عليه السلام يقول لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:10-12] .

جاء رجلٌُ إلى الحسن البصري -رحمه الله- وهو في المجلس، فقال له: يا أبا سعيد، إننا في بلدٍ قد قحطت فيه السماء، فلا تُمطِر، وأجدبت الأرض فلا تُنبِت، فقال: استغفر الله عز وجل -عليك بالاستغفار- ثم قام من عنده، فجاء إليه رجل آخر، وقال له: يا أبا سعيد، أنا رجلٌُ تزوجت منذ كذا وكذا، ولا يولد لي ولد، فقال: عليك بالاستغفار، فقام من عنده، فجاء له رجل ثالث، وقال له: يا أبا سعيد أنا رجلٌ لا أذهب إلى تجارة -أقيم مؤسسة أو شركه- إلاَّ تَفْشَلْ -كلما اتجهت إلى جهة خسرت- فقال: عليك بكثرة الاستغفار، فقال له بعض الحضور: يا أبا سعيد، ذكروا لك أمراضاً ثلاثة، وذكرت لهم علاجاً واحداً!! قال لهم: إن الله تعالى يقول: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:10-12] .

إذاً: من أراد المال، من أراد البنين، من أراد الجنات، من أراد الأنهار، فعليه بكثرة الاستغفار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015