نعالج هذا الموضوع لخمسة أسباب: أولاً: لأن التنصير خطر يهدد المسلمين منذ زمن بعيد، وهو اليوم يمد يديه، ويكشر عن أنيابه، ويفتل سواعده لحرب ضروس مع العقيدة الإسلامية، فكان لا بد من أن تدق طبول الخطر ليسمع من لم يسمع، ويعرف من لم يعرف؛ خاصة إذا علمنا أن التنصير اليوم يتلصص بأساليب ووسائل ماكرة خبيثة، هي أحياناً أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء، ويرضى ولو باليسير من العمل، فإذا لم يستطع أن ينصر المسلم رضي بدون ذلك مما تحقرون من أعمالكم.
ثانياً: لأنه لا بد أن يقاوم المسلمون هذا الخطر، ويكثفوا الجهود لحربه في كل مكان.
ثالثاً: من أجل مزيد من الجهاد الذي تبذلونه، ويبذله المسلمون في الدعوة إلى الله عزوجل.
إيه! هذا صنيع أهل الباطل على باطلهم، فكيف يكون صنيعكم أنتم على حقكم؟!! {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ} [النساء:104] .
ولا يوجد وسيلة في الدفاع أحسن من الهجوم، إذاً فينبغي أن نرفع شعار الدعوة إلى الله تعالى في أوساط النصارى، ولنعتبر هذا على الأقل من الوسائل لإيقاف المد التنصيري أو تهدئته.
رابعاً: أن طرق مثل هذا الموضوع حرصاً على تعديل الصورة في نفوس المسلمين.
وليس التنصير هو الخطر الوحيد الذي يهددنا، فثمة أخطار كثيرة من داخلنا ومن خارجنا، والتنصير ذاته لن يبلغ فينا مبلغه إلا إذا وجد فينا تربة خصبة تنبت فيها جراثيمه وبذرته، والله تعالى يقول: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [آل عمران:120] ويقول سبحانه: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:165] .
ولكن التنصير خطر على كل حال، ونحن حين نتحدث عنه نأمل ونطمع أن يكون هذا الحديث مساهماً في تعديل الصورة في نفوس المسلمين العاديين، والمثقفين، وطلبة العلم، بل والعلماء، أي: أن يدرج في قائمة اهتماماتهم خطراً جديداً اسمه: (التنصير) وأنه خطر مدجج يستهدف أصول العقيدة الإسلامية لدى مسلمين في مناطق نائية وبعيدة، وأطفال، وصغار، ونساء؛ بل ولدى المسلمين في العواصم والمدن الكبرى، وفي حوزات الإسلام، وعواصمه العظام.
إن من السذاجة أن تتصور أن الناس يملكون مناعة ضد التنصير، قد تكون أنت تملك بعض المناعة، لكن من السذاجة أن تتصور أن 1000 مليون مسلم حسب الإحصائية، أو أن (40%) أو (30%) من هذا الرقم يملكون مناعة ضد هذا الخطر، وسوف يتبين لك إن كنت ممن يظن هذا الظن أنه ظن في غير محله.
فهناك مسلمون يتنصرون، وتقام احتفالات أحياناً بتنصر 800 مسلم في يوم واحد، وهناك من لا يتنصرون فعلاً ويغيرون أسماءهم من عبد الله إلى جورج أو جوزف، ولكنهم يتأثرون فيصبح التنصر منهم قاب قوسين أو أدنى، ليسوا أعداء للنصارى، ولا يكرهون النصرانية، ولا يعتقدون أنها باطل، ولا يرون أن النصراني من أهل النار، وهؤلاء قد لا يكونوا أصبحوا نصارى بالمقياس النصراني ذاته ولكنهم حملوا الجرثومة، فإذا تنصر ولده أو تنصرت بنته، قال: هذه حرية شخصية، وما دام والمسألة قابلة للأخذ والرد فلماذا أنا أضغط على ولدي، أو أضغط على بنتي، أو أقف في وجهه!! والنصارى أطول منك نفساً، وأبعد منك نظراً في بعض الأحيان.
وقد لا يوجد هذا ولا ذاك، ويبقى المسلم مسلماً مؤمناً بأصول الدين، مكفراً للنصارى، معتبراً أنهم من أهل النار، ولكن هذا الجهد التنصيري المكثف الموجه إليه هو شخصياً ولَّد عنده فتوراً في الحماس.
ولا شك أن هذا مشاهد، فالذين يعايشون النصارى من غير المتحمسين للإسلام؛ بل من المسلمين العاديين كثرت الطرق عليهم مما يولد عندهم فتوراً تجاه الدعوة، وعدم حماس لحمل رسالة الإسلام.
فلابد أن ندرج في قائمة اهتمامات أهل الإسلام خطراً جديداً اسمه: التنصير.
نوجه هذا الكلام لمن يشتغلون بالمعارك الصغيرة، معركة على قضية سهلة لا تقدم ولا تأخر، ولا يترتب عليها هدى أو ضلال، أو حق أو باطل، وإنما فيها راجح ومرجوح.
خامساً: أن هذا هو دعوة للتائهين من المسلمين، إلى الشباب الذي يلهث وراء الكرة، ووراء الفن، ووراء الفيلم، ووراء المسلسل، ووراء الأغنية، ووراء المرأة، نقول لهؤلاء: هذا جهد عدوكم، فأفيقوا قبل أن يغرقكم الطوفان ويبتلعكم الموج وأنتم لا تشعرون.