كانت الجارية تأخذ بنبي الله صلى الله عليه وسلم، فتذهب به إلى أي سكك المدينة شاءت، أو تواعده في أي مكان، فيأتي إليها ويصغ أذنه لها، ماذا تتوقع أن تقول الجارية؟ أمة في أحد البيوت تشتكي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من سيدها، أو من أهل البيت، أو من شدة العمل أو من غير ذلك، وربما تذكر تفاصيل وأموراً لا حاجة بها، ولو أن هذه الجارية جاءت إلى واحد منا الآن -وأنا على يقين- وحدثته بمثل هذه الأمور لقال لها: لست بفارغ لهذه التفاصيل، وهذا الكلام الذي ليس لنا به حاجة، وليس عندي وقت لمثل هذه الأشياء، اذهبي وابحثي عن غيري.
مع أن الواحد منا قد لا يكون عنده عمل يذكر.
ولكن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، ورسول الله وخاتم النبيين كانت تواعده في أي مكان من سكك المدينة، فيصغي أذنه لها، فتتكلم وتتكلم حتى ينتهي ما عندها، ولا ينتهي الأمر، بل يذهب الرسول صلى الله عليه وسلم ليشفع لها، أو يتدخل عند أوليائها وعند سادتها إلى غير ذلك من الأمور.