وعلى كل حال، فالشريعة التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم تتلخص في آية واحدة، هي قول الله عز وجل: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] وبذلك نعلم أولاً: أن كل أمر أمر الله به أو الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يمكن أن يكون فيه حرج بوجه من الوجوه، حتى ولو سالت من ورائه الدماء، ولو تقطعت الرقاب، ولو تدهدهت الرءوس، ولو فارق الإنسان أهله، وخلانه، وبلدانه، وأوطانه، يعلم أنه ليس في ذلك حرج، قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] مثلاً: الجهاد شريعة إسلامية، هل فيها حرج؟ لا، لأنه {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] فيعلم المسلم وهو يجاهد، ويخوض المنايا، ويصارع الموت وينازله في المعارك، ويرى إخوانه وأحبابه تتساقط رؤوسهم أمامه، ويعقر جواده، ويهراق دمه، ويقسم ماله، وتتزوج زوجته من بعده، يرى أن هذا كله ليس فيه حرج بوجه من الوجوه، لأن الله تعالى نفى عنه الحرج، وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] .
إذاً القاعدة الأولى: أن كل أمر من الدين لا يمكن أن يكون فيه حرج.