سنة المداولة

ومن السنن أيضاً: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140] سنة المداولة مع أن العاقبة للتقوى {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف:128] فكل هيمنة للشرك والكفر تتلوها بإذن الله تعالى جولة ظافرة للإسلام وللمتقين، ولهذا قال الله تعالى في نفس الآية: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:141] .

إذاً، الكافرين، صار لهم دولة ونصر في تلك المعركة، ولكن هذا لا يعني أن لهم استمراراً، كلا! بل إن الله تعالى أعطاهم ما أعطاهم حتى يمحص المؤمنين ويجعل العاقبة لهم، ويمحق الكافرين ويقضي عليهم ويزيلهم ويبيدهم، فأشار إلى أن العاقبة هي محق الكافرين، ويكفي أن تعلم أنه كما أن أول من كان في الدنيا وهو آدم عليه السلام وكان على الدين الحق وعلى الحنيفية هو وأولاده، علمهم الإسلام فكانوا طائعين مؤمنين.

كذلك آخر ما يكون في هذه الدنيا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من نزول عيسى عليه السلام، وخروج المهدي، حيث تخرج الأرض بركاتها وخيراتها وكنوزها، حتى أن الجماعة أو الفئة من الناس يأكلون الرمان ويستظلون بقحفها، وحتى تملأ الأرض عدلا وقسطاً، كما ملئت ظلماً وجوراً، وحتى لا يوجد بين الناس حقد، أو حسد أو بغضاء إلى آخر ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يبعث الله تعالى الريح الطيبة فتقبض أرواح المؤمنين، ولا يبقى إلا شرار الناس، فعليهم تقوم الساعة، فالمداولة إذاً نهايتها ونتيجتها للمؤمنين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015