من فساد البر، قلة البركة وإذا وجد المطر، ولم توجد البركة، فلا نفع فيه حينئذ، وقد يستفيد منه أفراد معدودون يختزلونه لأنفسهم، ويدخرونه، أو يحوطونه ويمنعون الناس من الانتفاع به، أو رعيه، أو الاستفادة منه بأي وجه من الوجوه، فيوجد ولكن لا توجد البركة في الانتفاع به والاستفادة منه، فكأنه لم يوجد حينئذ.
ومن صوره: قلة الربح في التجارة، وقلة الريع في الزراعة، وقلة الدر والنسل في الحيوانات، وكثرة الأمراض والأوبئة، وكثرة الحرائق إلى غير ذلك، فهذا كله من فساد البر، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41] والمصيبة أننا في كثير من الأحيان قد نعزوا الأمر إلى سببه المباشر، فنقول: هذا بسبب التماس كهربائي، أو بسبب سوء الطريق، نذكر السبب المباشر وننسى السبب الذي هو وراء الأسباب كلها، وهو أن هذا جزء من الفساد الذي ظهر بما كسبت أيدي الناس، ولعل من حكمة الله تعالى أن الله تعالى قد يسلط بعض هذه الأمور على أماكن الفساد، حتى تكون عبرة للمعتبرين.