المشاركة الوجدانية مع قضايا المسلمين

أيها الأحبة، لنفترض جدلاً أنك لا تستطيع أن تتكلم، ولا أن تعمل، ولا أن تبذل المال، ولا أن تقف بنفسك مع إخوانك معلماً وداعياً ومرشداً ومصبِّراً، إنك تستطيع ولا بد أمراً بعد ذلك ألا وهو المشاركة الوجدانية، فقدم لي الدليل العملي على أنك فعلاً تشعر بمشاعر المسلمين! أثبت لي أنك لست شامتاً تسخر مما يحدث للمسلمين! وقدِّم الأدلة المادية على أن روح الأخوة الإسلامية لم تَمُتْ في قلبك.

إن المشاركة الشعورية والوجدانية هي أحد الأشياء التي نحتاج إليها كثيراً، ولو لم تعمل فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لأصحابه، وهو في معركة تبوك يقول لهم: {إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حَبَسَهُم العذر} فلنفترض أنك معذور، لا تستطيع أن تتكلم لأنك أبكم، ولا تستطيع أن تنفق لأنك فقير، ولا تستطيع أن تشارك بنفسك لأنك مريض، ولا تستطيع أن تعمل شيئاً: أثبت لنا أن عندك قلباً يحزن لآلام المسلمين ويفرح لفرحهم، أثبت أن لديك مشاركة وجدانية مع إخوانك في كل مكان، وأثبت أن روح الأخوة لا تزال تعمل في قلبك! يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحاً إنا أقمنا على عذر نكابده ومن أقام على عذر كمن راحا هذا الشعور الوجداني في قلبك، سيتبعه تمني، وسيتبعه -على أقل تقدير- دعوة ترفعها في الهزيع الأخير من الليل إلى رب العالمين تفتح لها أبواب السماء.

أتهزأ بالدعاء وتزدريه وما يدريك ما صنع الدعاءُ سهام الليل لا تخطي ولكن لها أجل وللأجل انقضاءُ إن الأمة التي قوام أعدادها ألفٌ ومائتا مليون، هل تعتقد أنه لا يوجد فيها واحد مستجاب الدعوة؟! هل تظن أن أرحام النساء عقِمَت أن تلد شخصاً تقياً ولياً؛ لو أقسم على الله لأبره؟! ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبر قسمه} نحن نجزم يقيناً أن في هذه الأمة من الأولياء من لو دعوا الله لأجابهم، ولو استسقوا المطر من السماء لسقاهم شراباً طهوراً، ولو سألوا الله تعالى لم يَرُد سؤالَهم، ولو أقسموا على الله تعالى لأبرهم، فأين هؤلاء؟! لماذا لا نحرك همم الناس: العجائز، والأطفال، والصغار، والكبار، والسذج، والمغفلين، والجهال، والمتعلمين، والجميع لنقول لهم ادعوا الله، وإذا دعوت الله فادعُ لنفسك أولاً، ولا تُلام على هذا، ولكن أضف إلى هذا أن تدعو لغيرك كما تدعو للوالدين وللأقربين وللعلماء وللدعاة، فتدعو لإخوانك المسلمين في كل مكان أن يفرج الله عنهم كروبهم، ويزيل عنهم همومهم، ويُأمِّنهم من خوف، ويطعمهم من جوع، ويرويهم من ظمأ، وقبل ذلك كله أن يعلمهم من جهل، وأن يبصرهم في دينهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015