إن من ألوان المشاركة أيها الأخ الكريم أن تشارك بنفسك؛ فإن المسلمين اليوم يتعرضون لحملات تقتيل وتشريد في بلاد شتى، وهم في أمس الحاجة إلى أن نقول لهم: إننا معكم.
ولكن هذه الكلمة بذاتها لا يمكن أن تنقذ إنساناً من القتل، ولا يمكن أن تخرجه من الأزمة التي يعيشها، فلماذا لا نُتْبِعُ القولَ بالعمل؟! ونصَدِّقُ كلامَنا بأفعالنا؟! فنعبر للمسلمين حقيقةً عن تعاطفنا معهم، ووقوفنا إلى جانبهم، وأن مشاعر الأخوة الإسلامية التي أقامها هذا الدين لا تزال تتحرك في صدورنا، ولا تزال تعتمل في نفوسنا.
إنَّ العدو قد أفلح في إقامة الحواجز بين المسلمين؛ فأصبحنا لا نشعر بهموم المسلمين البعيدين كما نشعر بهم من حولنا، وأصبحوا هم يَشُكُّون في صِدْق أخوتنا لهم، ويَشُكُّون في تعاوُنِنا معهم، فلقد رأوا أن الذين يقفون إلى جانبهم في كل المواقف غالباً هم النصارى أو غير المسلمين، أما المسلمون فطالما صاحوا! ثم صاحوا! ولا مجيب: لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً ولكن لا حياة لمن تنادي! ولو ناراً نفختَ بها أضاءتْ ولكن أنتَ تنفُخ في رمادِ! أنتم جميعاً سمعتم ورأيتم بأعينكم المأساة التاريخية التي يشهدها المسلمون في البوسنة والهرسك، إنها عملية إبادة تصرح وسائل الإعلام الغربية بأن القرن كله لم يشهد لها مثيلاً، فهل فعلاً أن المسلمين لا يستطيعون أن يصنعوا لإخوانهم في يوغسلافيا شيئاً؟! أقول: كلا.
ثم كلا.
والله الذي لا إله غيره لو أن المسلمين شعروا بالمسئولية لاستطاعوا أن يصنعوا من الهزيمة في يوغسلافيا نصراً، ومن الذل عزاً ومن القهر تمرداً، ليس على الصرب الملاعين الكفار فقط؛ بل على الصليبية العالمية ممثلة في الأمم المتحدة، والدول الكبرى التي تقف وراءها.
إن الغرب يزعجه كثيراً أن يسمع كلمة جهاد، ولو شعر الغرب أن المسلمين يتنادون إلى دعم إخوانهم المسلمين في البوسنة والهرسك، وأن هناك أعداداً من المسلمين وقفَتْ إلى جانبهم؛ تعلمهم، وتصبرهم، وتثبتهم، وتعز مواقعهم ومواقفهم، وتدعو الله لهم بالنصر، وتدعمهم بما تستطيع، لشعر الغرب أنه مهدد في قلب أوروبا، ومهدد بخطر كبير، ولسارع إلى حل المشكلة؛ خشية أن تصل إلى أمور لا يستطيع حلها، لكن المسلمين في كثير من الأحيان يشعرون بأنهم عاجزون، وأنهم مكتوفوا الأيادي على حين أنهم يستطيعون أن يعملوا الكثير.