أولاً: الطاعة العمياء في كل شيء، هذا غير جائز بالنسبة للبشر، بل ربما يقول بعضهم (نفذ ثم اعترض) يعني: قم بالعمل الموكول إليك واعترض بعد ذلك، الطاعة المطلقة لله تعالى وللرسول صلى الله عليه وسلم، أما طاعة البشر كل البشر فهي محكومة بالشرع، ولهذا قال الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] ثم قال سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:59] .
إذاً الطاعة المطلقة هي لله تعالى وللرسول صلى الله عليه وسلم فحسب، أما البشر فيطاعون في طاعة الله، ويعصون فيما أمروا به من معصية الله تعالى، إن الذين قتلوا المواطنين وواجهوهم، قتلوهم طاعة لبشر، فهل يجوز لك أخي أن تحقن دمك لتقتل أخاك المسلم؟! والذين نزلوا للشوارع بأسلحتهم، نزلوا إرهاباً لمواطنيهم وأقاربهم وجيرانهم، نزلوا لطاعة بشر، فهل يجيز الشرع لأحد أن يرهب أمه وأباه، وأخته وأخاه، وجاره وزميله في غير طائل، ولغير هدف واضح معروف؟! إن الطاعة لا تجوز أبداً إلا في المعروف، ومن حق الفرد أن يراجع ويناقش، ومن أخطر الأساليب التربوية، سحق شخصية الإنسان، وتدمير طاقاته، وتدريبه على التبعية المطلقة للآخرين، إنها تدمير للمجتمع كله.
قال لي شخص: يا لهول المصيبة لو صحا الناس على البيان رقم (1) قلت له: أرأيت لو صحا شعب أمريكا من واشنطن على البيان رقم (1) يعلن خلع الرئيس الجديد، وإلغاء الانتخابات، وتعليق العمل بالدستور، ويعلن أحد الضباط نفسه رئيساً لأمريكا، ويفرض حالة الطوارئ على البلاد والعباد، ويصدر تعليمات بتأميم أجهزة الأمن والتعليم والإعلام وغيرها.
أرأيت لو حدث ذلك؟! قال: محال أن يحدث في تلك البلاد.
قلت له: لماذا؟ قال: لأنها بلاد ناضجة.
قلت: أرأيت إن مصلحة نضج الشعوب هي مصلحة للحاكم والمحكوم والأمة كلها، سواء بسواء، إن الأمة الناضجة القوية الواعية، التي تعرف ما تأخذ وما تذر، وتشارك بالرأي والمشورة، وتحلل وتنظر وتأمر وتنهى وتعبد الله تعالى بذلك كله، إنها هي فقط الأمة التي تستطيع بإذن الله تعالى أن تضمن مستقبلها، فلا يعتدي عليها أحد، ولا تساق إلى حتفها أو مصيرها دون وعي أو شعور.